رئيسى

تحقيق/ «نزيف وخوف وعدم النوم».. معاناة يمر بها ضحايا ختان الإناث.. ورجال يرون قصتهم مع زوجاتهم

كتبت أمل سعداوي

ألم لا يتوقف، ونزيف مستمر لعدة أيام، خوف وقلق شديد، تفكير لا ينقطع، هذا ما مرت به «أسماء محمد» صاحبة الـ 20 عامًا، عندما روت لـ «عالم البيزنس»، ما مرت به قبل 10 أعوام عندما تعرضت لجريمة بشعة وهي ختان الإناث.

لتقول «أسماء»، كان عندي 10 أعوام عندما أخبرتني أمي بالذهاب معها إلى الطبيب بحجة أنها مريضة، وعندما وصلنا إلى الطبيب، اخبرتني أمي أن استلقي على السرير ليعطيني الطبيب حقنة بنج، ويقوم بفعل شئ لن انساه في حياتي مهما مرت الأيام والسنين، سيظل عالقًا في ذهني،

لن انسى ما مررت به من تعب جسدي أو نفسي، فلقت استمر النزيف لأيام لا ينقطع، وألم لا يتوقف، وخوف وقلق شديد، لم أتمكن من النوم أو حتى السير.

 

ختان الإناث

استكملت حديثها، لمجرد أن طبيب رأى موضع عفتي، جعلني اخجل أن أنظر إلى أحد، أصبحت شخصية انطوائية، لا أحب الحديث مع أحد أو التعامل، دائما ما أحب الوحدة والعزلة التامة، مررت بأزمة نفسية حادة.

ختان الإناث
د. آلاء الهندي أخصائي ومعالج نفسي

وهذا ما أكدته الدكتورة آلاء الهندي، أخصائي ومعالج نفسي، أن الفتاة عندما تتعرضت لعملية ختان الإناث، تواجه أضرار نفسية حادة مثل « الخوف من الزواج، الصدمة النفسية، والأحباط، والإكتئاب الناتج عن الفشل في الوصول للسعادة في العلاقة مع الشريك».

أيضًا «الخوف من فترة الدورة الشهرية للارتباط الشرطي برؤية الدم، الشعور بالضغف وعدم المشاركة الاجتماعية، عدم الثقة في الآخرين، الشعور بعدم المساواة بين الرجل والمرأة، الشعور بانتهاك الكرامة، ارتفاع معدل القلق على مدار حياتها».

أضافت «الهندي»، لــ «عالم البيزنس»، أن أكبر ضرر تتعرض له ضحية جريمة “ختان الاناث”، هو عدم نسيان تلك اللحظة مهما مرت السنين، لأنه يتسبب لها بضرر نفسي يرافقها طوال حياتها.

وعن مدى تأثير هذا الأمر على العلاقة الجنسية مع الزوج والضرر الواقع عليها، أوضحت أخصائي ومعالج نفسي، أن النساء المختنات أكثر عرضة للطلاق لأنهم غير مؤهلة نفسية لإقامة العلاقة الزوجية.

معاناة لا تنتهي

ختان الإناث

 

ما مرت به «أسماء»، من معاناة مرت به أيضًا «أمنية حمدي»، البالغة من العمر 20 عامًا، عندما روت لـ «عالم البيزنس»، ما مرت به بسبب عملية ختان الإناث.

لتقول «أمنية»، كنت صغيرة لا اتذاكر حتى كام كان عمري وقتها، أخبرتني أمي ذات ليلة أنني يجب أن أذهب لطبيب ليقوم بختاني، كنوع من العفة والشرف لدي الفتاة، لم أدرك معنى الكلمة وذهبت معاها إلى الطبيب.

وعند الوصول إلى هناك ودخولي إلى غرفة الطبيب، أخبرني بأن أغلق عيني وأضع يدي بجواري لم أعرف لما يريد مني القيام بتلك الاشياء، كنت أفكر ماذا سيفعل، لاتفاجاة بحقنة تغرز في جسدي – حقنة بينج- ليقوم هو بعملية الختان ولا أشعر بأي ألم، لينتهى مفعول الحقنة وأشعر بألم لا يتوقف استمر لأيام عدة، لم يجعلني اتمكن من النوم أو السير.

واصلت «أمنية» حديثها، لن انسى هذا اليوم، عندما اتذكره، كأنه شريط مسجل يمر من أمامي، وكأنه يخبرني بأنني لن انسى ما مررت به من تعب جسدي ونفسي، على الرغم من أني كنت صغيرة في ذلك الوقت إلا أنني مررت بأزمة نفسية حدة جعلتي حتى هذا اليوم أخجل من التعامل مع الرجال، لمجرد أن الطبيب رأني في هذا الوضع المحرج.

قفزات فعلية

ختان الإناث
نبيلة قشطي – أستاذ القانون الدستوري والنظم السياسية وأخصائي الصحة النفسية والإرشاد الأسري

 

تقول الدكتورة نبيلة قشطي، أستاذ قانون دستوري ونظم سياسية، إن مصر تحتل المستوى الرابع في انتشار ظاهرة “ختان الإناث” على مستوى العالم طبقًا لتقرير منظمة الأمم المتحدة الصادر في 2018.

وتابعت «قشطي»، في حديثها لـ «عالم البيزنس»، أن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، كلف المجلس القومى للمرأه بعمل لجنة وطنية للتصدي لختان الإناث، وقد أحدثت هذه اللجنة قفزات فعلية لانخفاض معدلات الختان في مصر، وذلك عبر إطلاق حملات مختلفة للتوعية من مخاطر الختان، ونشر وعي أوسع في جميع المحافظات للتأكيد على أن هذه العادة ليس لها سند في الدين ولا الطب ولا القانون، وتُعد جريمة مخالفة لأداء مهنة الطب.

كما واصلت أستاذ قانون دستوري ونظم سياسية، حديثها، بأن وزارة الصحة والسكان قد ألزمت كافة المستشفيات و المنشآت الصحية الحكومية والخاصة والأهلية بضرورة إبلاغ الشرطة عند استقبال حالات تعاني من مضاعفات ختان الإناث، كالنزيف وغيرها لحفظ حقوق الفتيات.

كما قام المجلس الأعلى للجامعات في عام 2017 بإدماج مكون تعليمى ضد جريمة ختان الإناث ضمن منهج النساء والتوليد المقرر على طلاب كليات الطب في الجامعات المصرية.

وعن العقوبات الصادرة ضد من يقوم بعملية ختان الإناث، فقالت «قشطي»، إنه تم تجريم الظاهرة من خلال تعديلات لقانون الطفل عام 2008 بإضافة مادة لقانون العقوبات لأول مرة بنص صريح لتجريم ختان الإناث واعتباره جنحة.

كما تم إصدار القانون رقم 78 لسنة 2016 لتغليظ عقوبة ختان الإناث لترتفع إلى الحبس مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز 7 سنوات، وتكون العقوبة السجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة، أو إذا تسبب هذا الفعل في الموت، كما ينص القانون على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات كل من قدم أنثى وتم ختانها.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية يُعد ختان الإناث تشويه جزئي أو كلي للأعضاء التناسلية للأنثى، لا يعود بمنافع صحية عليها، بل يعرضها لمشاكل صحية ونفسية، إلى جانب كونه نوعًا من أنواع العنف ضد المرأة.

لذلك تم تخصيص السادس من فبراير من كل عام، ليكون اليوم العالمي لرفض ختان الإناث، وهو يوم توعية عالمي ترعاه “اليونيسف”، حتى يعي العالم أجمع مدى خطورته، والقضاء على ممارسة هذه العادة الضارة التي تتعرض لها فتاة كل 15 ثانية في مناطق مختلفة من العالم.

كما ذكرت الأمم المتحدة عبر موقعها الإلكتروني أنه في عام 2020 تعرضت أكثر من 4 ملايين فتاة في كل أنحاء العالم لمخاطر ممارسة ختان الإناث، وأن هناك 30 بلدًا تخضع فيها ما لا يقل عن 30% من الفتيات ممن هن دون سن 15 للختان، وتزداد معدلات الظاهرة بالمناطق الريفية بينما تنخفض فى المناطق الحضرية.

كما تنخفض ظاهرة ختان الإناث عند حصول الأمهات على تعليم عالٍ، لذلك تسعى الأمم المتحدة للقضاء عليها بالكامل بحلول عام 2030.

جسدك لعنة

أخبرتنا «سلمى سمير»، صاحبة الـ 32 عامًا، أنها كانت في سن الثانية عشر، عندما أخبرتها والدتها أن جسمها سيصبح لعنة إذا لم تخضع لعملية ختان الإناث.

‏تابعت «سلمى»، في لـ «عالم البيزنس»، “لم يكن أمامي خيار وقتها لرفض هذا الأمر، فقد أجُبرت على القيام بتلك العملية، فأخبرني الطبيب وقتها بأن أفصل بين قدمي، عندما أخبرني بذلك شعرت بأن عفتي قد سُرقت مني”.

‏ ‏وعن علاقتها بزوجها فقالت «سلمى»، :” عانيت أنا زوجي كثيرا بسبب هذا الأمر فقد أصابتني حالة من البرود الجنسي، فلا استمتع بعلاقتي الجنسية مع زوجي”.

وعند الإنتقال إلى الجانب الآخر الذي يعاني من هذا الأمر أيضاً وهم الرجال، فقال «سعيد» لـ «عالم البيزنس»، :” أعاني مع زوجتي بسبب ختان الإناث، فهي تعاني من “برود جنسي”، وأنا اقف عاجزًا أمام هذا الأمر، مما يجعلني أعاني من أضطراب نفسي لعدم قدرتي على إسعادها بعلاقتنا، وأرى أن تلك العملية ما هي إلا جريمة ضد المرأة”.

قطع النشوة

وعند سؤال أحد أولياء الأمور عن السبب وراء اتجاهم للقيام بتلك العملية وإجبار أطفالهم بذلك، قالت «سمر»، البالغة من العمر 50 عامًا، لـ «عالم البيزنس» إن تلك العملية ضرورية للغاية لقطع الغريزة والنشوة التي تنشأ لدي الفتاة اتجاه الشباب.

وأيضاً وقف الفتاة بعد الزواج عن فرض نفسها على زوجها بطريقة غير طبيعية، لأنه في حالة عدم قيامها بتلك العملية تصبح عندها رغبة في فرض نفسها على زوجها دون توقف ما يجعل الزوج ينظر لها بطريقة غير لائقة.

جريمة لا تغتفر

وبدوره، قال الدكتور مصطفى عسر، أخصائي أمراض النساء والتوليد وعلاج العقم، إن الختان جريمة في حق البنت أو السيدة، وله آثار نفسية وجسدية وخاصة لو كان من الدرجة الثالثة أو الرابعة.

أضاف «عسر»، لـ «عالم البيزنس»، أن لعملية الختان خمسة درجات وهم كالتالي:-

-الدرجة الأولى هي إزالة البظر جزئياً أو كليًا.

-الدرجة الثانية هي إزالة الشفرين الصغيرين.

-الدرجه الثالثة هي إزالة الشفرين الصغيرين والكبيرين.

-الدرجة الرابعة أو ما يسمى بالختان السوداني هو كل ما سبق مع غلق الفرج.

-الدرجة الخامسة وتأخذ أشكالا ً غريبة مثل الوخذ أو ما يسمي بالتاتو.

أوضح أخصائي أمراض النساء والتوليد وعلاج العقم، أن التعامل مع أي مرحلة هو عبارة عن دعم نفسي والتدخل الجراحي أن أمكن في حالة تسبب لها الشكل في أثر نفسي شديد.

أشار «عسر»، إلى أن الختان علاجه في منعه فقط، لأنه يتسبب في حدوث التهاب في الجهاز التناسلي والتهابات مجرى البول، و أحياناً في حدوث نزيف بدون داعي.

تابع: الختان يؤثر علي طبيعة الولادة وخاصة الختان من الدرجه الرابعة أو ما يسمى بالختان السوداني لأنه يؤدي إلى ضيق شديد في القناة المهبلية مما يؤدى إلى التدخل الجراحي للتصحيح وولادة الجنين.

وقد ادعى البعض أن ختان الإناث مُقر من الشريعة الإسلامية مما دفع دار الإفتاء للرد على تلك الإدعاءات حيث اعتبرته انتهاكًا صارخًا لجسد المرأة.

وأكدت دار الإفتاء على أن عملية ختان الإناث حرام شرعًا ولا تمت للشريعة الإسلامية من قريب أو بعيد، ولا تعد عفة وطهارة للمرأة، وما ورد عن وجود أحاديث غير صحيح، حيث تم فهم هذه الأحاديث بطرق خاطئة.

https://www.facebook.com/The.Agricultural.Bank.of.Egypt

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى