هل تغير رسوم ترامب الجمركية ملامح التجارة بين مصر وأمريكا؟ (تقرير)

كتبت: إسراء كامل
شهدت التجارة العالمية المزيد من التوترات خلال الأونة الأخيرة متأثرة بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية على بعض الدول، بدءاً بكندا والمكسيك والصين، قبل أن يعصف الطوفان بدول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى بلغت أكثر من 200 دولة وجزيرة وإقليم، بما في ذلك مصر، بنسبة 10% على معظم السلع المصدرة إلى السوق الأمريكية.
كما أثار هذا القرار، مخاوف المصدرين المصريين، خاصة في قطاع الملابس والمنسوجات، الذي يعد من أبرز القطاعات المستفيدة من السوق الأمريكية.
ومع هذه التغيرات، أصبح السؤال الأهم، كيف تأثرت الصادرات المصرية بهذه الرسوم؟ وهل كان لهذه القرارات أثر إيجابي أم سلبي على الاقتصاد المصري؟.. ويستعرض “عالم اليسزتس”، في التقرير التالي، تأثير هذه الرسوم على المنتجات المصرية، والمصانع المحلية، والاستثمارات الأجنبية، وأيضا آراء الخبراء حول مستقبل التجارة المصرية في ظل هذه التحديات.
الرسوم الأميركية الجديدة.. تتراوح بين 10 و50%
وشملت الرسوم الجمركية المضادة التي فرضتها الولايات المتحدة مجموعة من الدول العربية، حيث جاءت سوريا في مقدمة القائمة بنسبة 41%، تلتها العراق بنسبة 39%، ثم ليبيا بنسبة 31%، والجزائر بنسبة 30%، وتونس بنسبة 28%، والأردن بنسبة 20%.
أما بقية الدول العربية المفروضة عليها رسوم جمركية بنسبة 10%، فقد شملت كلاً من قطر، الإمارات، السعودية، مصر، الكويت، السودان، اليمن، لبنان، جيبوتي، عمان، والبحرين والمغرب.
وأكد “ترامب” أن هذه الرسوم تهدف إلى تصحيح الخلل في الميزان التجاري الأميركي وتعزيز الإنتاج المحلي.
رسوم ترامب الجمركية وتأثيرها على مصر
و جاء قرار “ترامب” ضمن استراتيجيته “أمريكا أولاً”، التي تهدف إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي وتعزيز الصناعة المحلية، ومع أن الولايات المتحدة ليست الشريك التجاري الأكبر لمصر (تمثل الصادرات المصرية إليها حوالي 10% من إجمالي الصادرات)، فإن السوق الأمريكية تظل حيوية لقطاع الملابس، الذي كان يتمتع بإعفاءات كاملة بموجب “الكويز”.
كما أن الرسوم الجديدة، قد ترتفع تكلفة التصدير، مما يهدد القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في مواجهة منافسين مثل الصين وفيتنام.
ووفقاً لخبراء اقتصاديين، فإن الرسوم المفروضة علي مصر قد لا تكون مدمرة بشكل مباشر، لكنها ستضغط على هوامش الربح للمصدرين المصريين، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلية نتيجة التقلبات في سعر الصرف وأسعار الطاقة، وهنا يبرز دور “الكويز” كحل استراتيجي.
إتفاقية الكويز
تملك مصر ورقة قوية للرد على هذه الرسوم، وهي إتفاقية “الكويز” (QIZ)، التي قد تتحول إلى أداة استراتيجية لمواجهة التحديات الاقتصادية الناجمة عن سياسات ترامب.
واتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة، أو “الكويز”، هي بروتوكول تجاري وقعته مصر مع الولايات المتحدة وإسرائيل في ديسمبر 2004، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي ودعم السلام في الشرق الأوسط.
وتتيح الاتفاقية للمنتجات المصنعة في مناطق صناعية محددة بمصر الدخول إلى الأسواق الأمريكية معفاة من الرسوم الجمركية وبدون حصص كمية، شريطة أن تحتوي هذه المنتجات على نسبة 10.5% (تم تخفيضها من 11.7% في 2007) من المكونات الإسرائيلية.
كما تشمل المناطق المؤهلة حالياً 15 منطقة صناعية في مصر، مثل الإسكندرية والجيزة والقليوبية، وتركز بشكل رئيسي على صناعة الملابس والمنسوجات.
صادرات تتخطى المليار دولار
وقد استفادت مصر من هذه الاتفاقية على مدار العقدين الماضيين، حيث بلغت صادراتها إلى الولايات المتحدة نحو 1.1 مليار دولار سنوياً في قطاع الملابس وحده، وفقاً لتقديرات اقتصادية حديثة، ولكن مع فرض ترامب للرسوم الجمركية، باتت هذه الاتفاقية تحت المجهر كسلاح محتمل للرد.
كيف تستخدم مصر “الكويز” للرد؟
وتتمثل الخطوة الأولى في تعزيز استغلال اتفاقية “الكويز” لتوسيع نطاق المنتجات المعفاة من الرسوم، وحالياً يتركز التصدير بموجب الاتفاقية في الملابس، لكن هناك مفاوضات محتملة مع الجانب الأمريكي لإدراج منتجات جديدة مثل المنتجات الجلدية والتكنولوجية.
وهذا التوسع قد يعوض الخسائر الناجمة عن الرسوم الجديدة ويحافظ على حصة مصر في السوق الأمريكية.
كما يمكن لمصر الضغط على الولايات المتحدة عبر استغلال الشرط الإسرائيلي في الاتفاقية، بما أن “الكويز” تتطلب تعاوناً ثلاثياً، فإن أي تعليق أو تعديل في التزامات مصر قد يؤثر على إسرائيل، وهي حليف استراتيجي لأمريكا، مما قد يدفع واشنطن لإعادة النظر في الرسوم المفروضة على مصر.
وهذا السيناريو، رغم حساسيته سياسياً، يظل خياراً مطروحاً في ظل تصاعد التوترات التجارية.
كما تسعى مصر لتعزيز المناطق الصناعية المؤهلة وزيادة الاستثمارات فيها لرفع الطاقة الإنتاجية، والحكومة المصرية قد تستفيد من هذه الأزمة لجذب مستثمرين محليين وأجانب، مع التركيز على تلبية شروط “الكويز” لضمان استمرار الإعفاءات الجمركية.
وفي مواجهة رسوم ترامب الجمركية، تمثل اتفاقية “الكويز” أداة فعالة لمصر للحفاظ على قدرتها التنافسية في السوق الأمريكية، ومن خلال توسيع نطاق المنتجات، والضغط الدبلوماسي، وتعزيز الاستثمارات، يمكن لمصر تحويل هذا التحدي إلى فرصة.
ولكن نجاح هذه الاستراتيجية يتطلب توازناً دقيقاً بين المصالح الاقتصادية والاعتبارات السياسية، في وقت يشهد العالم تحولات جذرية في النظام التجاري العالمي.
نرشح لك: ترامب يعلن اليوم عن «يوم تحرير» الرسوم الجمركية الأمريكية