رئيسىصحةملفات وتقارير

أخصائية نفسية توضح أسباب احتفاظ الشخص بجثة المتوفى وطرق العلاج

كتبت: أمل سعداوي

رغم أن الحكمة تقول «إكرام الميت دفنه» إلا أن بعض البشر لا يتخيلون أن الموت قد يصيب أقرب الأقربين، لا سيما إذا كان المتوفى أحد الوالدين.

يقول الأخصائيون النفسيون أن هؤلاء الأشخاص يعانون من اضطرابات نفسية، نتيجة قربهم الشديد من الفقيد، فهم لا يصدقون أن المنقول إلى رحمة ربّه قد غادر الحياة الدنيا بلا رجعة وسيفارقون عزيزهم للأبد.

خلال الآونة الأخيرة، هناك أشخاصاً رفضوا الاقتناع بفكرة موت أحبائهم، واحتفظوا بأجسادهم وهم موتى، حيث أن خوفهم من رحيل العزيز جعلهم يفكرون بطريقة غير منطقية، وكان لذلك أثراً نفسياً كبيراً لم يتحمّلوه.

ورغم كل ما ذكر، ينتهي الأمر غالباً بالقبض على مرتكبي تلك الجرائم، وتعرضهم للمسائلة القانونية على الفعلة الشنيعة، التي خالفت كل الأعراف بأن «إكرام الميت دفنه».

لجأ بعض الأشخاص لحيلة غير عادلة، بأن يقوم بالاحتفاظ بجثمان المتوفى، ومن بين تلك الحالات رفض شقيقتين في إحدى محافظات مصر دفن جثمان والدهما بعد موته واحتفاظهما به لمدة 10 أيام بحجة حبهما الشديد له.

وحالة نفسية سيئة أصابت زوجة منطوية على نفسها داخل فيلا صغيرة في الإسكندرية، عاشت في عزلة مع أسرتها لما يقرب من 10 سنوات، رفضت تلك الزوجة التواصل مع عائلتها أو عائلة زوجها لإبلاغهم برحيله، مما جعلها تحتفظ بجثته داخل الفيلا، لما يقرب من 4 شهور.

ووصلت تلك الحالات إلى قيام ابن في كوريا الجنوبية بالإحتفاظ بجثة والدته لمدة 30 عامًا بعد وفاتها.

الدكتورة آلاء الهندي: مرضى فقدان الأحبّة بسبب الموت يمرون بخمس مراحل نفسية

وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة آلاء الهندي، أخصائي ومعالج نفسي، إن سماع خبر موت شخص عزيز يعد عملاً شاقاً يلازمه العديد من أشكال الإضطراب النفسي بالنسبة لمعظم الناس ويمرون بخمس مراحل عاطفية أو نفسية وهم (الإنكار – الغضب – المساومة – الاكتئاب – القبول) وهذا أمر طبيعي يحدث لعدد كبير من الأشخاص.

وذلك حتى يصلون إلى نقطة القبول – قبول القدر والتسليم للأمر الواقع – وهو فقدان الشخص العزيز وأنه فارق الحياة، ولا نملك إلا ذكراه، ولكن عندما يتعثر الشخص ويقف عند مرحلة الإنكار لا يستطيع المرور ببقيه المراحل وتظهر اضطراب عدم الاستغناء المرضي ويدفعهم للقيام بالاحتفاظ بجثه الميت.

أسباب احتفاظ الشخص بجثة المتوفي 

أضافت الدكتورة آلاء الهندي، في تصريحات خاصة لموقع «عالم البيزنس»، أن قيام الشخص بذلك يرجع لخمسة أسباب رئيسية وهي كالتالي:

1- الأهل هم من يزرعون في أبناؤهم تلك الاستعدادات للاضطراب النفسي عن طريق الحب الزائد الذي أطلق عليه مصطلح (الحب المخيف) الذي يدفع الشخص للاعتمادية الكلية وعدم الإستغناء بشكل مرضي عنهم.

2- عدم التصالح مع حتمية الموت ونجد مثال يوضح مفهوم هذه الجملة (قبائل التوراجا) التي تعتبر أن الموت هو الحدث الأكبر في حياتهم ولديهم معتقدات غريبة وهي الاحتفاظ بجثث الموتى لمدة تصل لـ10سنوات أو أكثر حتي تتفق العائلة على دفنه ويقومون بتقديم الطعام والملابس له طيلة هذه المدة لأنهم يعتبرونه مريض، كما أنهم يقومون بحقنها بمادة الفورمالين لحفظها من التعفن وهذا أمر غير سوي وهي مرحلة الإنكار.

3- ضعف الإيمان وعدم وجود علاقة قوية مع الخالق يجعل الفرد يصل بفكره أنه قادر على تحدي الموت وخداعه والتحايل عليه.

4- فكرة الدفن تحت التراب تسبب لمن يتعلّقون بالآخرين بشكل مرضي حالة من عدم السيطرة على النفس والانهيار العصبي مما يدفعهم بالاحتفاظ بحثه الميت للشعور بالأمان وحفاظاً على سلامه النفسي.

ظاهرة الاحتفاظ بجثث الموتى وعدم التعجيل بالدفن

أشارت الأخصائي والمعالج نفسي، إلى أن تلك الظاهرة ليست جديدة وهناك الكثير من الأبحاث تدرس في مثل هذه السلوكيات الشاذة.

عن طريق الحوادث التي نسمع عنها يوميًا في جميع أنحاء العالم، لافتة إلى أن تلك الظواهر بدأت في المجتمع الغربي ثم انتقلت مؤخراً في للمجتمعات العربية.

الحب الزائد لشخص قد يؤدي لقتله

أكدت الدكتورة آلاء الهندي، أن الحب الزائد يوثر بشكل سلبي على الشخص لأنه يجعله متعلق بشكل مرضي بالطرف الذي يحبه لدرجة عدم الاستغناء عنه، ما يدفعه للقيام بمثل هذه السلوكيات الشاذة.

وذلك لأن عاطفته هي من تحركه وليس عقله أو معتقده الديني، ونصحت الأخصائية النفسية قائلة: «أقول دائماً أن جرعة الحب الزائد تقتل (ومن الحب ما قتل) ولذلك نوصي الآباء بالموازنة بين الحب والحزم».

طرق العلاج النفسي

أوصت الدكتورة آلاء الهندي بإتباع عدد من النصائح والإرشادات لمعالجة هذه الظاهرة وهي كالتالي:

1- عدم الخوف الزائد من الأهل على أبنائهم، لأنه يدمر شخصيتهم ويمحوها من الوجود ويتحول الشخص إلى آلة تتحرك بالبطارية لأنه تم إلغاء عقله ووعيه، ودائما البداية تكمن في التربية.

2- تعليم الأبناء مهارة الاعتماد على النفس والاستقلال ليس فقط في الماديات بل أيضا في المشاعر والتفكير ليجعله قادرًا علي مواجهة التحديات والأزمات بشكل قوي.

3- التقرب إلى الله ومعرفة أن الموت حق وأنه لا دخل للإنسان فيه مهما كانت شدة تعلقه وحبه له، فإنه أمر الله لا يستطيع تحدي القدر مهما بلغ من التعلق والحب.

4- اللجوء لأخصائي نفسي أو طبيب نفسي إذا لم يتمكن الشخص من تخطي صدمة الموت بمفرده.

فقدان أحد المقربين لا يعني توقف الحياة

اختتمت الأخصائي والمعالج النفسي حديثها، أنه في النهاية إدراك أن فقدان أحد المقربين لا يعني توقف الحياة، مشيرة إلى أن الحكمة وراء المرور بتجربة الفقدان هي النمو والفهم الجديد للعلاقات.

كما أنها تعد دعوة للتسامح والتقارب لمن نحبهم ومحاولة منحهم السعادة في حياتهم وعدم التقصير في حق الآخرين لتحقيق السلام النفسي.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى