حوادث وقضايارئيسى

تذكرة ذهاب بلا عودة.. تقاسموا لقمة العيش وجمعتهم جنازة واحدة.. حكاية أحد ضحايا حادث الفيوم

كتبت: أمل سعداوي

قبل أيام، وتحديدًا الأحد الماضي، شهد طريق القاهرة أسيوط الصحراوي الغربي، حادث تصادم سيارة ميكروباص بآخرى نقل، أسفر عنه مصرع 5 أشخاص من قرية واحدة، وإصابة 9 آخرين.

عم الحزن وقتها على مواقع التواصل الإجتماعي، خاصة أن المتوفين كانوا من قرية واحدة ذهبو إلى عملهم، إذا يسافرون كل أسبوع من يوم الأحد حتى يوم الأربعاء، ويعاودن بعدها إلى ديارهم ولأسرهم.

تذكرة بلا عودة

ولكن جاءت تلك المرة غير سابقة، إذا كانت تذكرة ذهاب بلا عودة، ليكن الطريق هو الشاهد الأخير على وفاتهم.

فقدت القرية 5 من خير رجالها، وعلا الحزن ملامح أبنائها وأهلها، وارتداء الأسود نسائها، لتبنى سرادق العزاء ويشييع جنازتهم المئات، ولكن بجانبها صراخات مدوية تصل لعنان السماء، لتكن بداية رحلتهم معًا هي نهايتهم، فقد تقاسموا لقمة عيشهم وجمعتهم جنازة واحدة.

تواصل موقع «عالم البيزنس» مع أهالي الضحايا، والذي سرد لنا أحد أقاربهم حكاية أحدهم.

في قرية شاويش التابعة لمركز إهناسيا غرب محافظة بني سويف، يوجد منزل ليس بكبير تقطنه عائلة بسيطة مكونة من جدة وابنها وزوجته و أبنائهم، يتسم بالهدوء.

عرف الزوج والذي يدعى جمال محمد عبد الحكيم 47 عاما، في القرية بالسمعة الطبية، وحب الجميع له، وتقديم المساعدة لمن يطلبها دون التأخر عليه «أي حد كان بيطلب منه المساعدة كان بيساعده على طول مكنش بيتأخر على حد كل الناس كانت بتحبه»، حسبما ما قال أحمد رأفت أحد أقاربه.

يسافر «جمال»، والذي يعمل بإحدى الوظائف التابعة للإسكان الاجتماعي إلى القاهرة أسبوعيًا، من يوم الأحد حتى الأربعاء، ويعود بعدها إلى أسرته.

الوداع الأخير

وفي يوم الأحد الماضي، استيقظ «جمال» في الصباح الباكر، كعادته، للسفر إلى عمله، تناول وجبة الإفطار، وارتدا ملابسه وفي يده حقيبة لبعض متاعه، صلى الفجر حاضرًا، وقَبَل رأس والدته، وودع زوجته وأبنائه، وأغلق الباب وراءه، لتبدأ رحلته التي لم يكن يتوقع نهايتها، وأن هذا الوداع هو الأخير.

إلتقى «جمال»، بـ 4 من أبناء قريته الذين يتقاسمون لقمة عيشهم معًا، كل منهم حاملًا حقيبة بها بعض المتاع، ألقوا التحية على بعضهم البعض وعزموا الذهاب، وبدأوا يتبادلون الحديث عن متاعب وهموم الحياة متجهين لركوب السيارة للسفر إلى القاهرة ليقطعوا تذكرة الذهاب على أمل قطع تذكرة العودة.

سرداق عزاء

بدأت السيارة في التحرك، وبدأ كل منهم يتبادل الحديث مع من يمكث بجواره، كانت السماء في ذلك اليوم تملئها شبورة مياه كثيفة، فكان النظر إلى الطريق صعبًا بالنسبة للسائق، ولكنه حاول جاهدًا أن يكون حريصًا على حياته وحياة الركاب من وقوع أي حادث، ورغم حرصه الشديد إلا أنه كان للقدر رأي آخر، لتصدم السيارة بآخرى «تريلا»، تنهى حياة 5 أشخاص، وإصابة 9 آخرين.

ليكن هولاء الخمسة هو جمال وأبناء قريته، وتخسر في تلك الليلة 5 من خير رجالها، لتتحول القرية بأكملها إلى سرداق عزاء.

كانت أسرة «جمال»، تؤدي مهامها اليومية، وإذ يخبرها أحدهم بهذا الخبر المشؤوم«البقاء لله جمال تعيشوا انتوا»، صدمة وقعت عليها، وكأن جبل سقط عليهم، لم تكن تتخيل الأسرة أن تلك المرة ستكون تذكرة بلا عودة.

فكانت عودته من العمل أسبوعيًا والتي كانت تنتظرها الأسرة، كفرح يُقام لعروس، ليعود تلك المرة ولكن ليس على قدميه بل محملًا على نعش، لتكن تلك رسالة الوداع الأخيرة.

تحولت جدران المنزل إلى اللون الرمادي، وكأنها تخبرهم أنها حزينة على صاحبها، فلم يكن مجرد زوج، بل كان أساس المنزل لزوجته ووالدته، التي تولى أمرها بعد وفاة والده.

فقبل 30 عامًا توفى والد جمال، ليقرر هو تولي المسؤولية، ورعاية والدته، وليس ذلك فقط، بل أيضًا جده لأبيه.

إقرأ أيضًا: 5 قتلي وإضابة 11 حصيلة إشتباكات الجمعة بين الأمن و الإخوان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى