رئيسىمقالات

حتى يصبح “التصالح في جرائم الفساد المالي ” مفيدا للمجتمع

 

بقلم اسامة كرم

 

لقد اصدر المجلس العسكري المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 ونصت المادة السابعة مكررا منه علي إنه : يجوز التصالح مع المستثمر في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات .

وهذه الجرائم كالآتي :

جرائم الاختلاس” الماة 112 عقوبات”

جرائم الاستيلاء بغير حق علي الاموال او تسهيل ذلك للغير المواد” 113 ،113   مكررا عقوبات “

جرائم التربح واستغلال النفوذ “المادة 115 عقوبات “

جرائم الاضرار بالمال العام والإهمال في صيانته او استخدامه “المواد 116 ،116 مكررا عقوبات “

وهذه الجرائم سواء ارتكبت من المستثمر بصفته او بشخصة او التي اشترك في ارتكابها وذلك في نطاق مباشرة الأنشطة المنصوص عليها في القانون وفى اية حالة تكون عليها الدعوي الجنائية قبل صدور الحكم البات فيها ويشترط للتصالح ان يرد المستثمر كافة الأموال او المنقولات او الأراضي او العقارات محل الجريمة او مايعادل قيمتها السوقية وقت ارتكاب الجريمة اذا استحال ردها العيني علي ان يتم تحديد القيمة السوقية بمعرفة لجنة من الخبراء التي يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل وهذا القانون وضع من اجل الحفاظ علي المال العام والتصالح من اجل ارجاعة مرة اخري إلى خزانة الدولة ولكن لنا عدة تحفظات من خلال رؤيتنا الشخصية علي هذا المرسوم بقانون وهي كالآتي :

1 : منح هذا القانون التصالح للمستثمر فقط في جرائم الفساد دون غيره من الشركاء وانقضاء الدعوي الجنائية قبله وذلك على خلاف القاعدة العامة السابقة علي صدور هذا القانون والتي كانت لاتجيز التصالح في جرائم الفساد لأنها جنايات ولأن التصالح في الفساد يعد فسادا ويعد خطرا علي الدولة اكبر من الإرهاب وبذلك يكون التصالح سببا في انتشار الفساد أكثر من تحجيمة أو محاصرتة .

2 : يشترط في هذا القانون رد الاموال او المنقولات او العقارات أو الأراضي محل الجريمة او مايعادل قيمتها السوقية وقت ارتكاب الجريمة اذا استحال ردها العيني علي ان يتم تحديد القيمة السوقية بمعرفة لجنة من الخبراء التي يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل وهذا القانون يهدف المشرع منه ان يكون محفزا علي الاستثمار ويشجع المستثمر المخطئ على الرجوع عن خطئة وبناءا على ذلك يتحقق للدولة استردادها لحقوقها المنهوبة.

ولكننا نري في هذه الطريقة من التصالح ضياع لحقوق وهيبة الدولة حيث نرى انه فى حالة عدم القدرة علي الرد العيني يجب تحديد القيمة السوقية وقت ارتكاب الجريمة فكان أجدر بالمشرع ان يكون تحديد القيمة وقت الرد وليس وقت ارتكاب الجريمة حيث إنه بهذه الطريقة يتيح الفرصة للمستثمر ارتكاب الجريمة والتربح والمتاجرة وبعد ذلك إذا اكتشفت جريمته فإنه اتاح له الفرصة في التصالح في اي حالة تكون عليها الدعوي الجنائية وفي هذه الحالة سوف يرد الجزء الضئيل من قيمة الأموال وقت ارتكاب الجريمة أو قيمة القرض الذي حصل عليه دون الفوائد بعد ان يكون حقق غرضة من عملية الاستيلاء أو الاختلاس وإذ لم تكتشف جريمتة فإنه سوف لايرد شئ.

3 : الشارع جعل التصالح جوازيا للجهة الادارية التي قد تتعسف في بعض الأحيان في استخدم حقها او سلطتها فكان يجب ان يتم النص على ان يكون هناك جهة محايدة يتم الاحتكام إليها فى حالة رفض الجهة الإدارية طلب التصالح.

4 : الشارع نص على ان المستثمر هو المستفيد من التصالح في حين إنه لا يستفيد منه باقي المتهمين معه في ذات الواقعة فإذا كانت علة التصالح هي ان الدولة استردت الأموال التي وقعت عليها الجريمة وقام الجاني بالوفاء بالعقوبات المالية التي قضي عليه بها فإنه من غير المنطقي عدم استفادة من شارك في الجريمة من هذا التصالح.

5 : ان الشارع حرص على تهميش سلطات التحقيق والمحاكمة في امر التصالح فلم يعتد بأي دور لهما فيه .

وانما اناط الامر كله بالجهات الإدارية فالتصالح يقدم الي هيئة الأستثمار ويعتمده وزير الأستثمار وإذا استحال الرد عينا شكل وزير العدل لجنة من الخبراء لتقدير القيمة السوقية للأموال وهكذا تمضي إجراءات التصالح دون أدني سلطة تقديرية للجهات القضائية في مراقبة مايجري وهل بالفعل تم رد الأموال موضوع الجريمة وفقا  لقيمتها السوقية ام أن الأمر انطوى على تحايل ولم يقم الجاني إلا برد جزء من هذه الأموال.

لذلك نلتمس من القيادة السياسية الحالية إعادة النظر في آليات التصالح في جرائم الفساد المالي  والإستثمار وتضييق نطاقة في ابعد الحدود واذا كانت هناك ضرورة من التصالح لمصلحة الدولة يجب تفعيل دور القضاء المختص بطريقة أكبر وتقليل دور الجهة الإدارية وتقليص سلطاتها فلا يصح ان تكون خصما وحكما في آن واحد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى