الأسواق العربيةمؤسسات ماليةملفات وتقارير

د. أحمد الشعراوي: ريادة اﻷعمال والقاعدة المعلوماتية هما نفط القرن الواحد والعشرين

كتب – فاطمة عماد

تُعتبر ريادة الأعمال هي عملية بدء المشاريع الخاصة من أجل جني الأرباح، وتُسهم بشكل كبير في حل كبرى المشاكل التي التواجه العالم، حيث أنها تحقق التغير الاجتماعي إلى الأفضل، وتشمل ابتكار منتجات وخدمات أو أفكار لم يسبق لها مثيل، فضلاً عن إيجاد حلول مبتكرة للمشاكل.

أكد الدكتور أحمد الشعراوي، خبير جودة التخطيط اﻹستراتيجي والتنمية المستدامة، ومستشار التطوير اﻹداري وإدارة الموارد البشرية والتميز المؤسسي، والأمين العام المساعد للاتحاد العربي للتطوير والتنمية، أن ريادة الأعمال والقاعدة المعلوماتية، هما نفط القرن الواحد والعشرين.

وتسائل «الشعراوي»، هل لدينا مفهوم حقيقي في الدول النامية لريادة اﻷعمال؟ هل لدينا المهارات الحقيقية للإنطلاق بمفهوم الريادة على المستوى المؤسسي في القطاعات الحكومية والخاصة وقطاع الأعمال؟

وهل لدينا الكوادر المؤهلة لتبني الفكر المبني على المخاطر لريادة حقيقية لتميز مؤسسي؟ هل آن اﻷوان لتغيير الموروث الثقافي تجاه «إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه» هل لدبنا القاعدة المعلوماتية الحقيقية للانطلاق؟

بحر رهيب من اﻷسئلة وسط عولمة متسارعة ومتلاطمة تنثر شظاياها في وجه العالم منفجرة بلا هواده، الواقع أننا لدينا جزء كبير من نفط القرن القادم ولكننا لم نكن على قدر استيعاب تكريره للاستفادة منه، لذا ظهرت لدينا ظاهرة الهوس في ادعاء المعرفة واﻷضواء الكاذبة واﻹفتاءات في كل الاتجاهات تصنعها عولمة رائجة.

مكونات ريادة الأعمال .. نفط القرن القادم

ريادة الأعمال، وسميت أيضا الاعتمار، هي عملية إنشاء منظمات جديدة أو تطوير أخرى قائمة، وهي بالتحديد إنشاء أعمال حديثة أو الاستجابة لفرص جديدة عامةً.

في الاقتصاد السياسي تعرف ريادة الأعمال بإنها عملية تحديد والبدء في مشروع تجاري، وتوفير المصادر وتنظيم الموارد اللازمة واتخاذ كلا من المخاطر والعوائد المرتبطة المشروع في الحسبان.

ريادة الأعمال ليست شيئا سهلا حيث أن معظم الشركات الجديدة (غير المنظمة جيدا) تفشل. وتختلف أنشطة ريادة الأعمال بأختلاف نوع النشاط الذي تتبعه هذه المنظمة الناشئة.

وتتراوح ريادة الأعمال بين شركات فردية (غالبا ما يعمل فيها الرائد بمفرده بدوام جزئي) وتعهدات بتوفير فرص عمل جديدة.

وتسعى العديد من مشاريع الأعمال الجديدة (المشاريع الرائدة) للحصول على التمويل إما لـرأس المال المخاطر أو لـ المستثمرين المشاركين وذلك إما لزيادة رأس المال أو لبدأ المشروع الجديد.

المستثمرون المشاركون يبحثون عامة عن عائد يترواح بين 20-30% بالإضافة إلى مزيد من المشاركة في العمل.

يوجد الآن العديد من المنظمات التي تدعم روّاد الأعمال والتي تشمل بعض الهيئات الحكومية المعنية، حاضنة الأعمال/ (حاضنات الأعمال)، بعض الهيئات العلمية وبعض NGOs.

مفهوم ريادة الأعمال الاقتصادي

يرجع مفهوم ريادة الأعمال للاقتصادي جوزيف شومبيتر وبعض الاقتصاديين النمساويين مثل Ludwig von Mises و von Hayek. عرف شومبيتر (1950) رائد الأعمال بأنه هو ذلك الشخص الذي لديه الإرادة والقدرة لتحويل فكرة جديدة أو أختراع جديد إلى ابتكار ناجح. وبالتالي فوجود قوى روّاد الأعمال “التدمير البناء” في الأسواق والصناعات المختلفة تنشئ منتجات ونماذج عمل جديدة.

وبالتالي فإن روّاد الأعمال “التدمير البناء” يساعد مسئول وبشدة عن التطور الصناعي والنمو الأقتصادي على المدى الطويل. وبرغم من إسهامات شومبيتر في بدايات القرن العشرين، فأن نظرية الاقتصاد الجزئي التقليدية في منظومة الأقتصاد قد وضعت حيزا صغيرا لرواد الأعمال في أطارها النظري (بدلا من فرض أن الموارد ستتحدد وفقا لنظام السعر)

تطور المفاهيم والنظريات التي تتعلق بريادة الأعمال. مأخوذة من Murphy, Liao, & Welsch (2006)

بعض روّاد الأعمال والذي كان لهم أثر ملحوظ في تاريخ ريادة الأعمال. أما (Frank H. Knight (1967 و(بيتر دراكر (1970 فيعتبران ريادة الأعمال تتمحور بالأساس حول المخاطرة. سلوك رائد الأعمال هو ما يعكس نوع القدرة التي لديه أو لديها لوضع مهنته وموقفه المالي في الواقع والمخاطرة عن طريق تطبيق فكرته ووضعها محل التنفيذ وذلك عن طريق اعطائها المزيد من الوقت والجهد ورأس المال في مخاطرة غير مضمونة.

رائد الأعمال «Knight» يصنف أسباب عدم الضمان إلى 3 أنواع:

المخاطرة: وهي يمكن قياسها إحصائيا (مثل أحتمالية سحب كرة حمراء من زجاجة تحتوي على خمس كرات حمراء وخمس كرات بيضاء).

اللألتباس: والتي يصعب قياسها إحصائيا (مثل أحتمالية سحب كرة حمراء من زجاجة تحتوي على خمس كرات حمراء وعدد غير معروف من الكرات البيضاء).

عدم الضمان الفعلي أو Knightian Uncertainty والتي يستحيل تقديرها أو توقعها إحصائيا (مثل أحتمالية سحب كرة حمراء من زجاجة بها عدد غير معروف من الكرات الحمراء وعدد غير معروف من الكرات الملونة الأخرى).

تأثير ريادة الأعمال غالبًا لا يمكن توقعه، عمليًا عندما تحاول خلق أو ابتكار شيء جديد على هذا العالم فإن سوقه لا يكون معروف. قبل ظهور الأنترنت، لم يكن أحد ليعرف مدى نجاح سوق الأعمال المرتبة بالأنترنت مثل أمازون و جوجل و يوتيوب و ياهو.

أما بعد ظهور الأنترنت فقد بدأ البعض يرى فرص وأسواق لهذه التكنولوجيا. بالرغم من ذلك حتى لو كان هناك سوق فلنفرض مثلا سوق المشروبات الغازية (الذي أنشأه شركة كوكاكولا) لا يوجد ضمان بعدم انضمام لاعب جديد لسوق صناعة المياه الغازية. إذن فالسؤال سيكون: هل يوجد سوق جديد لفكرتك أم لا ؟

يمثل وجود الرائد المتميز والمبتكر في النظرية الأقتصادية التقليدية (التي تقيم كفاءة الأقتصاد ياستخدام بعض النسب بافتراض أن المخرجات متساوية) بعض المشاكل النظرية. ولقد اضافت بحوث ويليام بومول لهذه الجزء من النظرية الأقتصادية والذي كرم في عام 2006 في الاجتماع السنوي للرابطة الأقتصادية الأمريكية.

وتعتبر ريادة الأعمال عامل مكملا لثقافة الأعمال في الحياة الأمريكية، وبتحديدا كمحرك ودافع أساسي لخلق فرص عمل جديدة ونمو الأقتصاد القومي.

نشرت بواسطة Robert Sobel تحت عنوان The Entrepreneurs: Explorations Within the American Business Tradition في عام 1974.

رواد الأعمال لديهم مميزات تجعلهم يعاملوا كقادة

تمام كما حدث في السابق مع نظرية الرجل العظيم فإن نظريات ريادة الأعمال تتعرض للنقد بأستمرار. فرواد الأعمال غالبا ما يعارضون المديرين والإداريين الذين يطلبون منهم بان يكونوا أكثر اتباعا للطرق المعروفة وأقل مخاطرة.

مثل هذه النماذج التي تتمحور حول شخصية رائد الأعمال توضح أنها مشكوك في مدى صلاحيتها حيث تبين الحياة العملية أن أغلب رواد الأعمال يعملون في فرق وليس فقط بشكل فردي. ورغم أن الفجوة لا تزال واسعة بين النظريات التي تحدد طبيعة رائد الأعمال إلا أنه الآن فأن بعض الدراسات الموثقة لريادة الأعمال وجدت بعض السمات التي ترتبط بروّاد الأعمال:

ديفيد ماكليلاند (1961) وصف رائد الأعمال بأنه شخص تحركه الحاجة لإنجاز شيء ورغبة شديدة في إضافة شيء للحياة. أما Collins و Moore (1970) فقد دراسا حوالي 150 رائد أعمال وخلاصا إلى النتيجة الآتية أهم صفاتهم الشدة والصلابة، مراعاة مصالحهم (برجماتيين) يدفعهم أحتياجهم إلى الاستقلالية والإنجاز. وهم نادرا ما يسعون للحصول على السلطة.

فيما يرى Bird (1992) أن رائدي الأعمال كالزئبق، محبين للأفكار الجديدة، مفكرون، مخططون، يحسنون التصرف. أنهم يقتنصون الفرص، مبدعون، غير عاطفيون. بينما يرى Cooper و Woo و Dunkelberg (1988) أن رائدي الأعمال يتفائلون جدا في عملية أتخاذ القرار.

ففي دراسة أجريت على 2994 رائد أعمال تبين أن 81% يعتبرون نسب نجاحهم الشخصية أكبر من 70% ومن الملحوظ أن 33% يرون أن أحتمالات نجاحهم هي 10 من 10. وأوضحا Busenitz و Barney (1997) أن رادئي الأعمال يتميزون بالثقة الشديدة في النفس وتعميمهم الزائد للأمور.

بينما وجد Cole (1959) أنه يوجد أربع أنواع من رائدي الأعمال وهم: المبتكر، المبتكر المجمع، المروج شديد التفائل، مؤسسي المؤسسات. هذه الأنواع لا علاقة لها بالشخصية ولكن لها علاقة بنوع الفرصة التي يواجهها الرائد.

صفات رائد الأعمال

يتسم الرائد بعدد من الصفات ومنها:

إيجابية وصناعة قرار.

المبادرة للوصول لنجاح فكرته.

إقناع الأخرىن للانضمام إليهم والمساعدة.

هدف طموح، وهي القوة التي تدفعه لبناء الشركة.

تقوية النفس ودعمها بأمل كبير وعاطفة جياشة نحو تحقيق الهدف.

وضع استراتيجية لتحويل حلمه إلى واقع ملموس وتنفيذها بالإصرار والتصميم.

رؤية مدعومة بالعديد من الأفكار القوية المحددة الفريدة أي جديدة في السوق.

رؤية شاملة واضحة لكيفية تحقيق هذا الهدف حتى وإن لم تكتمل التفاصيل فيتّسم بالمرانة وقابلة للتطوير.

المخاطرة محسوبة التكاليف والكيفية من حيث الوصول إلى السوق أو إنشائه، وكيفية تلبية احتياجات العملاء.

دور رواد الأعمال

إنشاء أسواق جديدة، وفقا للمفهوم الحديث للتسويق, السوق هو مجموعة من الأفراد الذين لديهم الرغبة والقدرة لإشباع احتياجاتهم. وهذا ما يسمى اقتصاديا بالطلب الفعال، فرواد الأعمال هم أناس مبدعون ومنشئون للموارد والفرص فهم يخلقون عملاء وبائعين وهذا ما يجعلهم مختلفين عن رجال الأعمال التقليدين الذين (أي رجال الأعمال) يؤدون الوظائف الإدارية التقليدية مثل التخطيط والتنظيم وتحديد المهام.

اكتشاف مصادر جديدة للمواد. فرواد الأعمال لا يرضون أبدا بالمصادر التلقيدية أو المتاحة للمواد. لذلك ولطبيعتهم الأبتكارية, فأنهم يعملون على اكتشاف مصادر جديدة للمواد ليحسنوا شركاتهم. في مجال الأعمال, فهم يستطيعون تطوير مصادر جديدة للمواد تتمت بميزة تنافسية من حيث النقل والتكلفة والجودة.

يحركون الموارد الرأس مالية. فرواد الأعمال هم المنظمون والمحددون لمعظم عناصر الأنتاج، مثل الأرض والعمال ورأس المال. فهم يمزجون عناصر الإنتاج هذه لخلق بضائع وخدمات جديدة. الموارد الرأس مالية, من وجهة نظر ليمان، تعني المال. ومع ذلك فأن الموارد المالية، في علم الأقتصاد، تمثل الماكينات والمباني والموار المادية الأخرى المستخدمة في الأنتاج. فرواد الأعمال لديهم الأبتكار والثقة في النفس التي تمكنهم من تجميع وتحريك رؤوس الأموال لإنشاء أعمال جديدة أو توسيع أعمال قائمة.

تقديم تكنولوجيا جديدة، صناعات جديدة ومنتجات جديدة. بعيدة عن كونهم مبتكرين وأخذهم للمخاطرة بمسئولية, فرواد الأعمال يحسنون استغلال الفرص لإنشاء أعمال جديدة وتحويلها إلى مكاسب. لذلك فهم يقدمون أشاء جديدة ومختلفة بعض الشئ. مثل هذه الروح الريادية تساهم بقوة في تحديث أقتصادنا. وفي كل عام نرى منتجات وتكنولوجيا جديدة. كل هذه المنتجات والتكنولوجيا تهدف لإشباع الأحتياجات البشرية بطريقة مناسبة وجميلة.

خلق فرص عمل جديدة, حيث أن أكبر موفر لفرص العمل هو القطاع الخاص فأن ملالايين فرص العمل تقدمها المصانع وصناعة الخدمات والشركات الزراعية وبعض الأعمال الصغيرة والمتوسطة. فعلى سبيل المثال فأن المتاجر الكبرى مثل SM و Uniwide و Robinson وأخرىن يوظفون الالأف العاملين. وبالمثل فإن شركات كبرى مثل SMC و Ayala ومجموعة شركات Soriano يخلقون فرص عمل كثيرة.

خلق فرص عمل ضخمة مثل هذه لها مضاعفات وتأثيرات تسرع من نمو الاقتصاد ككل. فمزيد من الوظائف يعني المزيد من الدخل وهذا يزيد الطلب على البضائع والخدمات وبالتالي يزيد الأنتاج. وبالتالي يزيد الطلب على الوظائف مرة أخرى.

مميزات رائد الأعمال

كل رائد أعمال ناجح يضيف بعض المميزات ليس فقط لنفسه/لنفسها ولكن لحيه، لمنطقته ولبلده ككل. فالمميزات الناتجة عن نشاطات رواد الأعمال كالتالي:

خلق أسواق جديدة.

المزيد من الخدمات والمنتجات.

زيادة الدخل وزيادة النمو الافتصادي.

القدرة على تحقيق إنجازات عظيمة.

تقليل القطاع الاقتصادي غير الرسمي.

التحرر والاستقلال من الاعتماد على وظائف الأخرىن.

تقليل هجرة المواهب بتوفير مناخ محلي جديد للأعمال.

يحسن وضعه المالي في وظائف غالبا ما تكون أفضل لهم.

المنافسة الشريفة تشجع على خلق منتجات بجودة أعلى.

التشجيع على استخدام التكنولوجيا الحديثة على مستوى الصناعات لزيادة الإنتاجية.

تشجيع على المزيد من الأبحاث والدراسات وتطوير الماكينات والمعدات الحديثة للسوق المحلي.

التشجيع على تصنيع المواد المحلية في صورة منتجات نهائية سواء لاستهلاك المحلي أو للتصدير.

تطوير مفاهيم صفات ومواقف ل الأعمال بين رواد الأعمال الجدد لتحقيق المزيد من التغيرت الملحوظة في تطوير المناطق الريفية.

تطوير المزيد من الصناعات، خاصة في المناطق الريفية والمناطق التي لم تستفد بالتطورات الافتصادية على سبيل المثال تأثير العولمة.

الدكتور أحمد الشعراوي

الدكتور أحمد الشعراوي

خبير جودة التخطيط اﻹستراتيجي والتنمية المستدامة

مستشار التطوير اﻹداري وإدارة الموارد البشرية والتميز المؤسسي

الأمين العام المساعد للاتحاد العربي للتطوير والتنمية – مجلس الوحدة الاقتصادية العربية – جامعة الدول العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى