حوادث وقضايارئيسىملفات وتقارير

صندوق النقد الدولي: اضطرابات اجتماعية قد تنجم نتيجةً لعدم المساواة بسبب كورونا

كتب: مجدي دربالة

كشف صندوق النقد الدولي، في تقريره الأخير، عن احتمالية حدوث اضطرابات اجتماعية قد تنجم عن تفاقم عدم المساواة بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد.

وأوضح التقرير، أن عدم المساواة في الدخل الذي كان قائمًا قبل اندلاع جائحة كوفيد-19 أدى إلى زيادة الآثار السلبية للجائحة، وتفاقم مظاهر عدم المساواة.

ويظهر ذلك بشكل واضح في عدم المساواة في الحصول على التعليم، والرعاية الصحية، والتطعيم، والخدمات العامة،

مما قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية وتدهور الثقة في الحكومات. لذلك، تحتاج الحكومات إلى توفير فرصة عادلة للجميع تمكنهم من الوصول إلى أهدافهم الممكنة وتعزيز قدرة الأسر المعيشية الضعيفة على التحمل، والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، مما يؤدي بدوره إلى استقرار الاقتصاد الكلي وزيادة ثقة الأفراد في حكوماتهم.

ويتمثل التحدي بعد جائحة كوفيد -19 في كيفية تقليص فجوات الدخل في ظلالسياسات المالية التقييدية الناجمة عن هذه الجائحة.

عدم المساواة قبل جائحة كوفيد -19ودورها في تعميق أثار الجائحة

وأكد صندوق النقد الدولي، أنه على مدى العقود الثلاثة الماضية، ارتفع التفاوت في الدخل في معظم الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة الكبيرة، بينما انخفض في العديد من الأسواق الناشئة والاقتصادات منخفضة الدخل. بالإضافة إلى ذلك، فإن توزيع الثروة يعد أكثر تفاوتًا مقارنة بتوزيع الدخل.

هذا التفاوت في الدخل والثروة يخلق فرصًا غير متكافئة في التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات الأساسية، ما يؤدي إلى استمرار عدم المساواة في الدخل جيلًا بعد جيل.يمكن أن يستدل على هذا التفاوت في الفرصمن خلال نتائج البلدان في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs).

كما أدت مظاهر عدم المساواة بين الدول وفيما بينها قبل وقوع كوفيد-19إلى تفاقمالآثار الصحية الضارة للجائحة، فعلى سبيل المثال، يرتبط عدد أسرة المستشفيات (وتوافر اللقاح لاحقًا) ارتباطًا سلبيًا بمعدلات الوفيات المعدلة حسب العمر للفرد.كما يتضح أن معدلات الإصابة والوفيات ترتبط بشكل إيجابيبالفقر، ويمكن تفسير ذلك من خلالأن الفقراء يعيشون في الأحياء والمنازل المزدحمة، وقلة فرص حصولهم على وظائف تمارس الابتعاد الاجتماعي،ومن ثم قلة الأمن الوظيفي والمدخرات المالية لديهم، وتدنى فرص الحصول علىالنظافة الصحية والوصول إلى الخدمات العامة الأساسية مثل:المياه والمرافق الصحية، والاعتماد أكثر على النقل العام، مما يجعلها أكثر عرضة للإصابة.

آثاركوفيد- 19على عدم المساواة والفقر

وتوقع التقرير، أن ترتفع وتيرة عدم المساواة والفقر بسبب هذه الجائحة، حيث تشير التقديرات العالمية إلى أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع سيرتفع بنحو 95 مليون شخص خلال عام 2020، مقارنة بتقديرات ما قبل كوفيد -19.

وفي الاقتصادات النامية، تعد العمالة من ذوي المهارات المنخفضة وغيرالرسمية، والشباب، والنساء هم الأكثر تضررًا.

وقد ساعدت الإجراءات المالية التي اتخذتها بعض الحكومات في التخفيف من التأثير السلبي للجائحةعلى الدخل في بلدان مثل الولايات المتحدة، والبرازيل، وإثيوبيا.

وقد تزداد وتيرة عدم المساواة في المستقبل بشكل أكبر بسبب إغلاق المدارسوالذي أدى إلى اضطراب عالمي غير مسبوق في التعليم. ومن المتوقع أن يكون السبب الرئيسي لخسائر التعليمهو إغلاق المدارس،وأن يكون السبب الثانوي هو تأثر دخل الآباء بالآثار السلبية للجائحة.

وستكون خسائر التعليم أكثر حدة في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية وبالنسبة للأطفال من الأسر الفقيرة والمناطق الريفية التي تفتقر إلى إمكانية الوصول إلى البنية التحتية المحدودة التي لا تستطيع دعم مخرجات التعلم عن بعد التي ظهرت جراء الجائحة.

سياسات لمعالجة أوجه عدم المساواة

ونصح التقرير واضعو السياسات بضرورة التركيز على شبكات الأمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، والخدمات التعليمية التي تضررت بشدة من جائحة كوفيد -19، حيث يتعين على الحكومات أن تقدم التمويل العاجل لقطاع الرعاية الصحية، بما في ذلك حملات توفير اللقاح، فضلاًعن قيام قطاع التعليم بتقديم سبل الدعم للتعلم عن بعد ،وتشجيع إعادة التحاقالطلاب (إعطاء الأولوية للطلاب المعرضين لخطر الانقطاع عن الدراسة بدرجة أكبر ومنهم الإناث)، ومحاولة تعويضخسائر التعليم عن طريق تعديلالمناهج الدراسية وبما يتناسبمع التقويم المدرسي المتأثر نتيجة للجائحة ، وتوفير أساليب التعليم المتطورة للمدرسين.

يمكن تحقيق ذلك من خلال التركيز على سياسات ما قبل التوزيع (قبل الضرائب والتحويلات) التي تعمل على تعزيز المساواة والنمو الشامل، وعلى سياسات إعادة التوزيع(بعد الضرائب والتحويلات)التي تعمل على الحد من الفقر وعدم المساواة في الدخل المتاح للتصرف،وتحسين فرص الحصول على الخدمات الأساسيةفي الأجل القصير من خلال إعادة توزيع الدخل نحو الأسرالمنخفضة الدخل،وتعزيز النمو على المدى الطويل من خلال زيادة معدلات الالتحاق بالمدارسبين الأطفال من الأسر المعدمة.

سياسات ما قبل التوزيع

يحدالإنفاق الحكومي على التعليم من عدم المساواة في الدخل، وقد يقلل من الحاجة إلى إعادة التوزيع المالي. يمكن أن يؤدي الإنفاق الأفضل على التعليم إلى تقليل فجوات الالتحاق بالمدارس (الفجوة بين أعلى وأدنى دخل).

يلعب الاستثمار في الرعاية الصحية أيضًا دورًا رئيسيًا في تعزيز النمو والحد من عدم المساواة.

يستدعي التحول الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد -19 زيادة مهارات العمال للتكيف مع المتطلبات الوظيفية الجديدة وأشكال العمل المستحدثة،وذلك من خلال توفير برامج التدريب على الوظائف،والمساعدة في البحث عن عمل، وإعانات الأجور. بالإضافة إلى ذلك، فإن تقليص الفجوة بين الجنسين في سوق العمل سوف يعزز النمو. ويمكن تحقيق ذلك على سبيل المثال من خلال إتاحة مراكز رعاية الأطفال على نطاق أوسع وبأسعار معقولة.

سياسات إعادة التوزيع (الضرائب والتحويلات)

أدت الضرائب والتحويلات المباشرة إلى الحد من أوجه عدم المساواة في الدخل بأكثر من الثلث في الاقتصادات المتقدمة،وقد تم ذلك بشكل كبيرعن طريق التحويلات (الحد من عدم المساواة في القاع).

لزيادة الكفاءة في توزيع التحويلات، تحتاج الحكومات إلى إنشاء سجلات اجتماعية شاملة وزيادة التركيز على القطاعات غير الرسمية.

العمل على التوسع في اتاحة واستخدام المدفوعات الإلكترونية والتحويلات المالية عبر الهاتف المحمول لتعزيز الشمول المالي لمن لا يتوفر لديهم إمكانية الوصول إلى البنوك.

من ناحية أخرى، يمكن للحكومات التركيز على زيادة الكفاءة الضريبية (الحد من عدم المساواة في القمة) وتعزيز القدرة الضريبية لتلبية احتياجات الإنفاق الكبيرة نتيجة لفيروس كورونا.

تعد زيادة كل من الضرائب الهامشية القصوى وزيادة الضرائب التصاعدية أمران أساسيان.

تنفيذ برنامج الإصلاح الضريبيعلى الاستقطاعات الضريبية التي تساعد الأثرياء بدلاً من الفقراء.

زيادة ضرائب الدخل الرأسمالي والثروة،حيث أن هذه الأنواع من الضرائب عادة ما تميل أكثر نحو الأغنياء. وتشير النتائج إلى أن فرض ضريبة متكررة بنسبة 1٪ على ثروة أكثر 1٪ ثراءً من السكان يمكن أن يزيد الإيرادات بنسبة 0.4٪ – 0.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

يمكن للبلدان فرض ضرائبمؤقتة للمساهمة فيالتعافي من فيروس كورونا.

الفرصة العادلة

  • تعد جائحة كوفيد-19 اختبارًا هاما لقدرات الحكومات على الحفاظ على ثقة الناس وتعزيزها، حيث يكمن الخطر في أن كوفيد-19يمكن أن يؤثر سلبًا على تلك الثقة، خاصة إذا اعتبرت السياسات التي اتخذنها الحكومات استجابة للوباء غير كافية أو غير عادلة.
  • ضمان الحصول على التطعيم أمر بالغ الأهميةعلى أن هذا يتطلب تمويلًا فعالاً وكافيًا.
  • يعد تحديد الأولويات قبل الإنفاق أمرًا مهمًا بشكل خاص للحكومات حتى تتمكن من تلبية الاحتياجات والخدمات الأساسية وتوفيرها للأشخاص الأكثر تضررًا من هذا الوباء.
  • ينبغي على الحكومات أيضاًإعداد سياسات متوسطة الأجل تعمل على توفير الخدمات الأساسية بصورة أفضل، وكذلك توفير حماية أفضل للدخل من الصدمات التي قد يتعرض لها الاقتصاد، هذا إلى جانب تعزيز التعافي الوافر بفرص عمل للجميع.
  • يمكن للمجتمع الدولي أيضا تقديم الدعم المالي والفني،وتنسيق السياسات بين الدول للوصول إلى حلول أفضل.

اقرأ أيضًا.. صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته بنمو الاقتصاد المصري لـ5.6% بحلول 2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى