رئيسىصحة

في باطنهم قوة وظاهرهم ألم.. رحلة سيدات مع سرطان الثدي

تحقيق: أمل سعداوي

ليلة واحدة كانت كفيلة بأن تقلب حياة منى شريف صاحبة الـ38 عامًا رأسًا على عقب، التي نامت واستيقظت على وجود شيء «مكلكع» تحت الإبط الأيسر لتكتشف أسوأ ما يصيب النساء، وهو سرطان الثدي.

تحكي «منى»، لـ«علم البيزنس» معاناتها مع سرطان الثدي التي استمرت لفترة طويلة، تقول: “استقيظت ذات ليلة وشعرت بشيء يتحرك أسفل إبطي الأيسر، ذهبت فورًا إلى الطبيب لمعرفة ما يحدث لي، أخبرني بإجراء بعض الفحوصات لتحديد ما أعاني منه، وأخذ مني عينة لتحليلها”.

سرطان الثدي
تابعت السيدة الثلاثنية حديثها: في البداية أخبرني الطبيب أنه أمر طبيعي وسيقوم بإجراء عملية لاستئصال هذا الشيء ولا يوجد أي داعي للخوف فوافقت على الفور، وتم إجراء العملية واستخراج هذا الشيء بنجاح، ولكن بعد الانتهاء من العملية أخبرني الطبيب بأنه يجب عليّ أخذ بعض جلسات الكيماوي، بعدما أخبرني بذلك فكرت في الأمر، وقولت إن هناك شيء يخفيه عني.

ظلت السيدة الثلاثنية تبحث عن إجابات للأسئلة التي تدور في خاطرها، حتى ذهبت إلى إحد صديقاتها التي تعمل طبيبة صيدلانية والتي أخبرتها بأنها تعاني من سرطان الثدي، ليقع هذا الخبر عليها كالصاعقة، وتنهمر الدموع من عينيها وكأنها في سباق، لتذهب بعدها إلى الطبيب ويخبرها بالحقيقة التي لا تود أن تسمعها في حياتها أبدًا، وأنه أخبر زوجها بالأمر منذ البداية، ولكنّهم حرصوا ألا يُعلموها بذلك.

استجماع القوة

تقول «منى»: “عندما علمت بالحقيقة كان من الصعب عليّ تصديقها، شعرت في وقتها وكأنه كابوس وسأستيقظ منه، ولم يكن من السهل عليّ تقبل الأمر، ولكن عندما وجدت زوجي وأولادي يدعمونني، ويخبروني بأن هذا الأمر سيمر، في تلك اللحظة استجمعت قواي، وقررت أن أقضي على هذا المرض اللعين”.

قررت السيدة الثلاثنية أن تستكمل مشوار علاجها، وأخذت 12 جرعة كيماوي، عانت في البداية بسبب قوة الجرعات وقلة الاهتمام بطعامها، وبعد أول 3 جرعات تساقط شعرها، وأخبرها الطبيب أنها تعاني من ضعف مناعة وإذا استمرت على هذا الوضع سيضطر إلى تأخير أخذ باقي الجرعات.

جعلها ذلك تهتم بالتغذية الصحية حتى تنتهي من جلسات الكيماوي، وبالفعل تمكّنت من الحصول على 12 جرعة، لتعلن انتصارها على هذا المرض اللعين، ولكن مع ذلك أعطاها الطبيب عقاقير لكي تستمر عليها كوقاية لها.

سرطان الثدي

منى تعاني مثل العديد من النساء اللواتي يعانون من هذا المرض، ويحاربونه بكل ما آتاهم الله من قوة.

مرض سرطان الثدي هو أكثر الأمراض شيوعًا، ينشأ نتيجة نمو الخلايا المكونة لأنسجة الثدي دون القدرة على السيطرة عليها ما يحولها إلى خلايا سرطانية.

ووفقًا لمنظمة الصحة العاليمة فإن أكثر من 2.2 مليون حالة أصُيبت بسرطان الثدي في عام 2020، وأن امرأة واحدة من بين كل 12 امرأة تُصاب بالسرطان في حياتها، كما أنه تسبب في وفاة نحو 685 ألف امرأة حول العالم في ذات العام.

وأوضحت المنظمة أن النساء أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي من الرجال، مؤكدة أن نسبة الإصابة الرجال تتراوح بين 0.5 لـ1%. بينما نسبة الإصابة من السيدات تتجاوز 8%.

الأمر الواقع

لم تختلف معاناة «أسماء» صاحبة الـ30 عامًا عن معاناة «منى»، لتخبرنا قائلة: “كانت البداية عندما وضعت طفلتي الأولى شعرت بشيء يتحرك في ثديي، لم أعطي للأمر أهمية في البداية، حتى وضعت طفلي الثاني ولا تزال تلك الكتلة كما هي، ما جعلني أذهب للطبيب لمعرفة ما هذا الشيء، لأكتشف أني أعاني من سرطان الثدي”.

وأضافت: “في البداية مررت بفترة صعبة، خاصة وأن زوجي كفيف، فكان الاهتمام بكل الأمور من مسؤوليتي، ولكن في النهاية قررت أن استجمع قوتي من أجل أسرتي، وأكمل هذا الطريق حتى النهاية واتخلص من هذا الورم، أخذت 8 جرعات كيماوي خلال 8 أشهر، بعد ذلك قمت بإجراء عملية لاستئصال الثدي”.

تابعت السيدة الثلاثينية حديثها: “بعد شهرين من إجراء العملية، أخذت 6 جرعات كيماوي، وقمت بإجراء بعض الفحوصات التي أثبتت أن العلاج يعطي نتيجة، ولكن تم اكتشاف أنه انتشر في الرئة والكبد والصدر، ولكن بفضل الله تم القضاء عليه في تلك الأماكن”.

ومع كل ذلك كان للقدر رأي أخر، لتكتشف السيدة الثلاثنية، أن الورم عاد في موضع العملية، لتبدأ من جديد في علاج الكيماوي.

سرطان الثدي

أكدت السيدة الثلاثينية أن حالتها النفسية تتأثر كثيرًا بما يحدث، وأن بعض الأطباء أكدوا لها أن الحالة النفسية عامل مهم في عملية الشفاء.

هذا ما أكدته الدراسة التي أجُريت في استراليا وأثبتت أن التوتر والإجهاد النفسي يتسبب في انتشار الخلايا السرطانية في جسم المريض. لأن الضغوط النفسية تؤدي لشحن كبير للأوعية الدموية بما يعزز من حركة الخلايا السرطانية ويزيد من انتشاره في جسم.

أسباب عدة

سرطان الثدي
د. عماد شاش، استشاري و مدرس علاج الأورام بالمعهد القومي للأورام جامعة القاهرة

ومن جانبه، قال الدكتور عماد شاش، استشاري و مدرس علاج الأورام بالمعهد القومي للأورام جامعة القاهرة، إن سرطان الثدي يحدث عندما تبدأ بعض خلايا الثدي في النمو بطريقة غير طبيعية.

وتنقسم هذه الخلايا بسرعة أكبر من الخلايا السليمة وتستمر لتتراكم، وتشكّل كتلة أو ورمًا، وقد تنتشر الخلايا من خلال الثدي إلى العُقَد اللمفية، أو إلى أجزاء أخرى من الجسم.

أضاف «شاش»، لـ«عالم البيزنس»، أن الباحثين حددوا العوامل المرتبطة بنمط الحياة، والعوامل الهرمونية والبيئية التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي، ولكن ليس من الواضح السبب وراء إصابة بعض الأشخاص بالسرطان رغم عدم وجود أي عوامل خطر تحيط بهم.

بينما لا يُصاب أشخاص آخرون يكونون مُعرَّضين لعوامل الخطر، ويُحتمل أن يحدث سرطان الثدي بسبب التفاعل المعقَّد للتكوين الجيني وللبيئة التي تعيش فيها المريضة. ‏

‏ويُقدِّر الأطباء ارتباط ما يقرب من 5 – 10% من سرطان الثدي بالطفرات الوراثية التي تنتقل عبر أجيال العائلة.

‏وتم تحدِّيد عددًا من جينات الطفرات المتوارثة التي يُمكن أن تَزيد من احتمالية الإصابة به، و أشهر هذه الجينات هي الجين 1 لسرطان الثدي (BRCA1) والجين 2 لسرطان الثدي (BRCA2)، حيث يَزيد كلاهما من خطر الإصابة بكلٍّ من سرطان الثدي والمبايض.

‏علامات الإصابة بسرطان الثدي

سرطان الثدي

‏‏أوضح استشاري علاج الأورام بالمعهد القومي للأورام جامعة القاهرة، علامات الإصابة بسرطان الثدي والتي تتمثل في:

  •  وجود كتلة في الثدي تختلف عن الأنسجة المحيطة.
  • تغير في حجم الثدي أو شكله.
  • تغير في الجلد الموجود على الثدي.
  • تقشُّرًا أو تيبسًا أو تساقطًا في المنطقة المصطبغة من الجلد المحيط بالحلمة (الهالة) أو جلد الثدي.
  • ‏‏إحمرار جلد الثدي أو تنقيره، مثل جلد البرتقالة.

وأكد «شاش»، أن وجود أحد عوامل الخطر بسرطان الثدي لا يعني بالضرورة الإصابة به. مُشيرًا إلى أن العديد من النساء المصابات به ليس لديهن أي عوامل خطورة معروفة سوى كونهن نساء.

مؤشرات احتمالية الإصابة بسرطان الثدي

أوضح استشاري و مدرس علاج الأورام بالمعهد القومي للأورام جامعة القاهرة، العوامل المرتبطة بزيادة احتمالية الإصابة به وهي:.

  • النساء أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي من الرجال.
  • التقدم في السن يزيد من احتمالية الإصابة به.
  • ‏وجود سجل مرضي للإصابة بمشاكل الثدي. إذا وُجد السرطان الفصيصي الموضعي في خزعة الثدي (LCIS) أو فرط تنسج اللانمطي للثدي، فلديك احتمالية أكبر للإصابة بسرطان الثدي.
  •  إذا كنت مصاب بسرطان الثدي في إحدى الثديين، فلديكِ احتمالية مرتفعة للإصابة به في الأخر.
  • وجود تاريخ عائلي للإصابة به، إذا شُخصت أمك أو أختك أو ابنتك بسرطان الثدي، خصوصًا في سن مبكرة، تزداد احتمالية إصابتك به.
  • يمكن أن تنتقل بعض الطفرات الجينية التي تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي من الآباء إلى الأطفال.
  • والطفرات الجينية الأكثر شهرة التي تزيد من احتمالية الاصابة به هي BRCA1 و BRCA2.
  • التعرض للإشعاع، إذا كنت قد تلقيتِ علاجًا إشعاعيًّا على الصدر في مرحلة الطفولة أو الشباب، فإن احتمالية إصابتك بسرطان الثدي تزداد.
  • السِّمنة يرفع الوزن الزائد أو البدانة احتمالية الإصابة به.
  • أن تبدأ الدورة الشهرية لديك في سن مبكر قبل الثانية عشرة يزيد من احتمالية الإصابة.
  • أن يبدأ انقطاع الدورة الشهرية في سن متقدمة، لأنه في حالة انقطاع الطمث في سن مبكر يجعلك أكثر عرضة للإصابة.
  • إنجاب طفلك الأول في سن متأخرة، النساء اللائي يلدن طفلهن الأول بعد سن الثلاثين قد يكون لديهن احتمالية أكبر للإصابة بسرطان الثدي.
  • النساء اللاتي لم يسبق لهن الحمل أكثر عرضة للإصابة به من النساء اللاتي حملن مرة أو أكثر.
  • النساء اللاتي يتناولن أدوية العلاج الهرموني التي تجمع بين الإستروجين والبروجستيرون لعلاج علامات وأعراض انقطاع الطمث لديهن احتمالية أكبر للإصابة.
  • تناول الكحوليات يزيد من احتمالية الإصابة به.

نصائح لتقليل خطر الإصابة

سرطان الثدي
‏ويختتم «شاش» حديثه بتقديم عدة نصائح للمواطنين لتقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي والتي تتمثل في التالي:

  • عليكي أن تستفسري من طبيبك عن فحص سرطان الثدي. وناقشي معه الوقت المناسب لبدئ الاختبارات. مثل فحوصات الثدي السريرية وصور الثدي الشعاعية (الماموجرام).
  • حاولي التعرّف على طبيعة ثدييك من خلال الفحص الذاتي ومراقبة حالتهما. قد تختار النساء التعرف على طبيعة الثديين عن طريق فحصهما ذاتيًا من حين لآخر لمراقبة حالتهما. تحدثي إلى طبيبك على الفور إذا كان هناك تغيير جديد أو أورام أو علامات أخرى غير عادية في الثديين.
  • التخفيف من شرب الكحول أو الامتناع عنه في حال تناوله.
  • يُنصح بممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة على الأقل معظم أيام الأسبوع.
  • الحد من العلاج الهرموني بعد سن انقطاع الطمث.
  •  إذا كنت بحاجة إلى إنقاص الوزن، ننصح بالاستفسار من الطبيب عن الاستراتيجيات الصحية. لتحقيق ذلكز كما ننصح بتقليل كمية السعرات الحرارية المستهلكة يوميًا، وزيادة التمارين الرياضية بالتدريج.
  • اتباع نظام غذائي صحي متوازن

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس السيسي قد أطلق في وقت سابق مبادرة لدعم صحة المرأة المصرية. في إطار رفع مستوى الوعي بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي ووسائل الوقاية من هذا المرض. ومعالجته بالمجان.

واستهدفت تلك المبادرة الكشف المبكر عن أورام الثدي لنحو 28 مليون سيدة بجميع المحافظات مجانًا. فضلًا التوعية الكاملة بمسببات المرض وآليات الفحص الذاتي للمنتفعات منهم.

نرشح لك: تعرف على 5 طرق للحفاظ على صحة المرأة من الإصابة بـ«سرطان الثدي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى