أسواق المالمقالات

محمد مهدي يكتب: «توهج الشمس وغروب الأسواق»

في مطلع عام 2015 نشر موقع «Irish Times»، تقريرًا عن طالبة ايرلندية ضاعفت من أرباحها السنوية في أسواق المال عبر اتباع استراتيجية خاصة تقوم على شراء وبيع الأسهم من خلال مراقبة نشاط توهج الشمس الذى يرسل بدوره جزيئات دقيقة من الطاقة تؤثر اضطرابًا على المجال المغناطيسي للأرض و سلبًا على الحالة المزاجية للمستثمرين.

توهج الشمس

وفي الفترة من منتصف 2017 حتى نهاية 2021 صدرت عدة تقارير عن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تدرس مدى ارتباط وقوع نشاط غير عادى في مغناطيسية الأرض مرتبط بالشمس و بين الأداء السلبي لعوائد أغلب الأسهم الأمريكية في الأسبوع التالى مباشرة.

إذن ماذا يحدث ؟.. يمتد المجال المغناطيسي للأرض من داخل جوفها إلى القطبين الشمالي والجنوبي ومنهما الفضاء، ليشكل غلافًا يحمي الكوكب من أضرار الإشعاع الشمسي كالرياح والبقع والانفجارات والطاقة القادمة من الشمس التى تشهد نشاطًا متزايد يعمل على تقوية المجالات المغناطيسية بين كواكب المجموعة الشمسية.

وحسب مركز التنبؤ بالطقس الفضائي «SWPC» التابع للحكومة الأمريكية فإن الثلث الأخير من القرن العشرين قد شهد زيادة بنحو 40% في قوة المجالات المغناطيسية بين الكواكب نتيجة زيادة نشاط الشمس.

البقع الشمسية

و بالعودة تاريخياً إلى الأرض فقد أشار باحثو الفلك فى مختبرات «رذرفورد ابلتون»، ببريطانيا نهاية القرن الماضي أن الشمس كانت أقل سطوعاً في القرن السابع عشر الذي شهد عصراً جليدياً مصغرا نتيجة تراجع كبير في منحنى ظهور البقع الشمسية التى أنهت وقتها دورة 500 عام من النشاط بدأته في القرن الثانى عشر.

وقد ارتفعت حرارة الأرض بسببها لمستويات لم تتحقق حتى نهاية عام 1999 لتطفو بعدها حقائق علمية جديدة أهمها أن الأرض تتعرض كل 11 عام لدورة زمنية قصيرة من البقع و التوهجات الشمسية التى ترفع من وتيرة النشاط المغناطيسي للكوكب عبر تأثره بالاشعاعات الكهرومغناطيسية المنتشرة بسرعة الضوء فى النظام الشمسي .

هنا لنا وقفة أمام تلك التأثيرات التى تطال أضرارها حسب قوتها كلا من المركبات الفضائية و الاتصالات اللاسلكية عالية التردد و شبكات الكهرباء و الانترنت و موجات الراديو، فما بالنا بتأثيراتها المباشرة على الإنسان نفسه ؟ .. فحسب أقدم دراسة لجامعة «syracuse university» في نيويورك عام 1963 أشارت مجموعة متخصصة فى علوم الطب و الاحصاء و الفلك إلى وجود علاقة بين تزايد النشاط المغناطيسي للأرض و تراجع الصحة العامة للإنسان، حيث يصاحب ذلك اضطرابات الجهاز العصبي و تحديدًا فى الغدة الصنوبرية المفرزة لهرمون الميلاتونين.

سلوك المستثمرين

هذا بجانب ارتفاع ضغط الدم و معدل ضربات القلب مما يساهم فى تقلب واضح في المزاج و السلوك البشري الذى يعد العامل الأهم في اتخاذ القرارات الاستثمارية .

توسعت بعد ذلك الدراسات العلمية في هذا الشأن لتقر عدة حقائق أبرزها أن مزاج و سلوك المستثمرين هو عامل حيوي بالفعل في توازن عوائد الأدوات و الأصول المالية، و أن النشاط المغناطيسي للأرض له تأثير دافع في انتشار الأمراض و نشاط النزاعات و الحروب، بالإضافة إلى التأثير السلبي المباشر على مؤشرات أسواق المال العالمية بداية من تداولات اليوم الثانى بعد حدوث توهج شمسي متوسط القوة حيث يستغرق الأمر ثلاثة أيام على الأكثر لوصول بلازما الشمس و جسيماتها المشحونة إلى الأرض..

فضلًا عن ظهور علاقة مباشرة بين الدورات الاقتصادية السيئة و استمرار موجات التضخم في الولايات المتحدة و بين دورات الطاقة الشمسية الفائقة المسببة لنشاط مضطرب في مغناطيسية كوكب الأرض.

الحدث الشمسي

و ليس أدل على ذلك من ملاحظة ماذا فعل توهج الشمس بكوكبنا و أسواقه خلال أول شهرين من العام الجاري ؟.. فقد رصدت وكالة ناسا في 20 يناير الماضي انفجارًا قويًا للطاقة الشمسية على بعد أكثر من 100 مليون كيلو متر من الأرض، حينها كانت المؤشرات الأمريكية تتداول في DJI عند مستوى 35490 نقطة، و في S&P500 عند مستوى 4602 نقطة، ليفقد الاول أكثر من ألفين نقطة و يفقد الثاني نحو 200 نقطة خلال ثلاث جلسات تالية من الحدث الشمسي.

و ربما يكون ذلك من باب المصادفة و غير مقنعنًا للبعض، و لكن في الفترة من 16 إلى 21 فبراير الماضي سجلت وكالة ناسا وقوع انبعاث شمسى كبير يندفع فى الفضاء ناتج عن انفجار هائل تلاه ظهور بقع متوهجة على جانب الشمال الشرقي من الشمس، و بمراجعة مؤشرات أسواق المال المتقدمة نجد على سبيل المثال أن مؤشر DJI فقد حوالى 2200 نقطة عقب ذلك مباشرة و تزامن ذلك أيضًا مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا حيث تراجع معنويات الغالبية بفعل نشاط مغناطيسية الأرض المتأثر بالشمس.

في  11 مارس الجاري رصدت وكالات الفضاء العالمية ظهور بقع جديدة منتجة لتوهج شمسي متوسط القوة تسبب في قطع قصير لبعض الاتصالات اللاسلكية فوق المحيط الهادئ، مع ترقب وصول تأثيراتها إلى المجال المغناطيسي للأرض يومى 13 و 14 مارس الجارى .. فهل تتفاعل الأسواق سلبًا معها كما حدث من قبل، أم أنها ستكتفي بمبرراتها الاحصائية و الجيوساسية التى تقودها لنفس النتائج ؟!.

إقرأ أيضًا.. محمد مهدي يكتب: هل تبتلع الصين تايوان قريباً؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى