رئيسىملفات وتقارير

هل تتخلى أمريكا عن تشديد السياسة النقدية لإنقاذ البلاد من الركود؟..خبير يجيب

كتبت: أمل سعداوي

«أمريكا دخلت حالة ركود».. كانت تلك الجملة تُقال بشكل مهموس بين الكثيرين حتى أصبحت أحاديث صريحة مسموعة، وما جعلها تتحول إلى ذلك البيانات الأخيرة التي أعلنت عنها السلطات الأمريكية والتي تُشير إلى حدوث انكماش بنسبة 0.9% في الربع الثاني من 2022، لتتعرض بذلك إلى انكماش لربعين متتالين والذي يؤكده الخبراء أن هذا يساوي التعريف الفعلي للركود الاقتصادي.

فقد تراجع النمو الاقتصادي لأمريكا خلال الربع الأول من العام الجاري بنحو 1.6%. و أرجحت الحكومة أن السبب وراء هذا التراجع هو انخفاض الاستثمارات السكنية و الانفاق الحكومي الفيدرالي، بجانب تراجع معنويات الشركات.

الشواهد تؤكد

جو بايدن
جو بايدن الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية

ورغم أن الشواهد تؤكد، أن الاقتصاد الأمريكي دخل في حالة ركود، إلا أن للرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس مجلس الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، ينفيان ذلك. مؤكدين أن البلاد لم تدخل بعد في حالة الركود، وأنما تمر بحالة نمو متباطئ، مستشهدين في حديثهم إلى نمو بعض النشاطات الاقتصادية والتي منها إنفاق المستهلكين، وتوفير أكثر من 400 ألف وظيفة شهريًا، وتسجيل معدل البطالة 3.6% وهو أدنى مستوياته خلال نصف قرن.

ليس مثيرًا للدهشة!

الرئيس الأمريكي جو بايدن

وقال الرئيس الأمريكي:«انطلاقًا من النمو الاقتصادي التاريخي العام الماضي، واستعادة جميع وظائف القطاع الخاص الضائعة خلال أزمة الوباء، ليس مثيرًا للدهشة أن يتباطأ الاقتصاد مع اتخاذ الاحتياطي الفيدرالي خطوات لخفض التضخم».

أضاف: «لكن على الرغم من أننا نواجه تحديات عالمية تاريخية، فإننا نسير على الطريق الصحيح وسنخرج من هذا التحول أقوى وأكثر أمانًا».

عدم الإعتراف

أما جيروم باول، فيؤكد أنه يعلم مخاطر الركود، لكنه لا يرى أن أمريكا تمر بتلك الحالة، موضحًا تعريفه لحالة الركود بأنها فترة سقوط جماعي عنيف لكل قطاعات الاقتصاد ويأتي منها ضعف شديد في سوق العمل، وهو ما لا يراه.

وأكد «باول»، أن تشديد السياسية النقدية هو الحل الأمثل للتحكم في معدلات التضخم حتى تحقق المعدل المستهدف وهو 2%، بعد أن وصلت إلى 9.1% في شهر يونيو الماضي.

و مع التأكيد أن شبح الركود في أمريكا بدأ في إظهار أثاره رغم رفض الإعتراف به، يأتي السؤال هنا، هل ستتخلي أمريكا عن تشديد السياسية النقدية لإنقاذ البلاد من الركود؟.

إقرأ أيضًا.. بعد قرار الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة.. النفط يواصل مكاسبه والذهب يرتفع بنحو 20 دولارًا اليوم

ثلاثة مصطلحات اقتصادية تشغل الجميع

خبير أسواق مال عالمية
محمد مهدي عبدالنبي – خبير أسواق مال عالمية

وفي هذا الصدد، قال محمد مهدي عبد النبي، خبير أسواق المال عالمية، إن هناك ثلاثة مصطلحات اقتصادية تشغل الجميع منذ بداية 2022 حول الاقتصاد الأمريكى الأكبر و الأكثر أثرًا عالميًا، فمن تضخم أخذ يتمدد لحدود 9.1% نهاية يونيو الماضي، مرورًا بركود تضخمي تظهر آثاره تباعًا على قدرات المستهلكين، وصولاً إلى جدل واسع حول دخول واشنطن فعليًا حالة ركود اقتصادي بداية من يوليو الجاري.

العاصفة الاقتصادية

أوضح «مهدي»، في تصريحات خاصة لـ «عالم البيزنس»، أنه في خضم تلك العاصفة الاقتصادية ينشط البنك الفيدرالي الأمريكي بتشديد سياسته النقدية عبر إجراءات تحمل حلول من تجارب الماضي خلال نصف قرن من السبيعينات إلى الأزمة المالية 2008، ليعلن عن أكبر سحب للسيولة من الأسواق للمرة الأولى منذ تأسيس النظام المالي بدون غطاء الذهب، و يرفع الفائدة باستمرار على الدولار وصولا إلى 2.5% متوقعًا زيادتها إلى حدود 4% بنهاية العام الجاري.

أضاف خبير أسواق المال العالمية:« على شرف تفاصيل تلك المشاهد الواسعة أثرًا و أمدًا لنا أن نرصد بعين التحليل بعضًا من معانيها الظاهرة و توقعاتها المختلف عليها من خلال بعض النقاط تتلخص في التالي».

بطولة المشاهد

أولاً: يحتل الفيدرالي الأمريكي بطولة المشاهد كلها منذ البداية، فرئيسه جيروم باول، يصر على تقديم حقائق الأمور، حيث يتلقى منذ نهاية الربع الثالث من 2021 تحذيرات متخصصة حول تضخم قوى قد يعصف بالاقتصاد العالمي على أثر طباعة تريليونات الدولارات بغية تعافي الاقتصاد الأمريكى أولا ً من جائحة كورونا، إلا أنه تجاهل و استمر في سياسته المغرقة للأسواق بسيولة ضخمة و بفائدة متدنية حتى حلول حرب روسيا على أوكرانيا 24 فبراير الماضي.

إقرأ أيضًا.. الدولار يكتسح سوق العملات بعد بيانات التضخم الأمريكية الأخيرة.. فما الأسباب؟

الشروط النظرية

ثانيًا: مقارنة أداء الناتج الأمريكى خلال الربعين الأول و الثاني من العام الجاري مع مثليهما من العام الماضي كشفت عن كثير من الآثار السلبية التى ترجمها انكماش بنحو 1.6% تلاه أخر بنحو 0.9% و هو ما يوفر الشروط النظرية لإعلان حالة الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة في ظل تضخم أسعار مستمرة لشهور، و هو ما يواجه الفيدرالي باعتراف بطىء بالأزمة مع رفع متوازن للفائدة لا يتسق مع حجم التحديات الراهنة.

مستقبل سياسة أمريكا

ثالثًا: باقي من الزمن نحو ثلاثة أشهر على بدء انتخابات التجديد النصفي الأمريكية نوفمبر 2022، و هو الأمر الذي قد يحدد مستقبل سياسة و اقتصاد البلاد خلال السنوات الست المقبلة من تراجع متوقع لسيطرة الديموقراطيين الذين يقللون إعلاميًا من البيانات المالية الحالية، فالتضخم بلغ ذروته و يتجه للهبوط و الركود نظري فقط و تعافٍ مرتقب على الأبواب في نتائج الربع الثالث حسب وجهة نظرهم .

تضخم أكثر قوة

رابعًا: يقف الجمهوريون على النقيض تمامًا عبر وسائل الإعلام الأمريكية فيحذرون من تضخم جامح أكثر قوة قد يماثل ما حدث في ثمانينات القرن الماضي و يحثون الفيدرالي على رفع شديد للفائدة إلى ما فوق 5% بنهاية العام الجاري لمواجهة الأمر.

كما يرون الركود واقعًا حتميًا قد يمتد أثره حتى نهاية 2023 بسبب سياسات الإدارة الديموقراطية الحالية برئاسة «بايدن» و بمعاونه الفيدرالي المتخاذل حسب وجهة نظرهم أيضًا.

إقرأ أيضًا.. كيف سيؤثر قرار الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة على السوق المصري؟.. خبير اقتصادي يُجيب

تقاطع الطرق

ريتشارد نيكسون
ريتشارد نيكسون – رئيس أمريكا الأسبق

خامسًا: تتقاطع الطرق أمام الجميع و تنفتح على احتمالات يربطها مشتركين، وهي توصيف حدة الأزمة و حلول واقعية من الماضي، و لنا أن نستلهم ما فعله الرئيس الأسبق، ريتشارد نيكسون، خلال الثلث الأول من السبيعينات و سار أغلب القادة الأمريكيين عليه لمعالجة تطورات مثل تلك الأزمة، فالرجل قرر تجميد التعيينات الحكومية الجديدة و إيقاف زيادات الرواتب لنحو ثلاثة أشهر، مع توجيه الشركات لإيقاف توزيع أرباحها على المستثمرين .

خليطًا مكملًا

سادسًا: يذكر أن كل من الرؤساء فورد و كارتر و ريحان، قدموا خليطًا مكملًا من الحلول عبر تقليص الدعم الحكومي و تخفيض الضرائب على الشركات تحفيزًا لزيادة المعروض من الإنتاج، و مخاطبة المواطنين بتخفيض الطلب على استهلاك الغذاء بنحو 5% لتتراجع الأسعار في ظل وفرة العرض، و كذلك الحد من استهلاك الكهرباء و الوقود بنحو 5% ليوفر على الحكومة ربع مليون برميل من النفط يوميًا.

حرب مفتوحة

اختتم «مهدي»، حديثه، أنه رغم تراكم الخبرات الفائقة لمعالجة أزمة الاقتصاد الأمريكي حاليًا إلا أن الفيدرالي يواجه عدة متغيرات عصرية قد لا تستقيم معها حلول الماضي فقط، من حرب مفتوحة على الجبهة الأوروبية و نذر احتكاك على الجبهة الصينية بشأن تايوان مرورًا بتطورات سياسية داخلية تؤثر على توجهات المستهلكين، وصولًا إلى ارتفاع استثنائي في أرباح الشركات الكبرى حتى نهاية يونيو الماضي مع معدلات بطالة منخفضة للغاية عند 3.6% في ظل تضخم عالٍ لم تلوى رقبته رسميًا بعد رغم أربع رفعات متتالية للفائدة، ليكوم التذبذب الحاد في الأسواق و المفاجآت غير المتوقعة في الأحداث على قمة المشهد الاقتصادي الأمريكى حتى نهاية 2022.

إقرأ أيضًا.. بعد قرار «الفيدرالي الأمريكي».. هل يتعرض سوق العملات المشفرة إلى الانهيار؟.. خبير يوضح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى