بنوكرئيسىمقالات

هاني أبو الفتوح يكتب: «المركزي» أمامه خياران أحلاهما «مر»

تواجه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها القادم خياران أحلاهما مر. الخيار الأول – وهو الأرجح – تثبيت الفائدة للمرة الحادية عشر على التوالي عند مستوى 8.25% للإيداع و9.25% للإقراض. وترجع المبررات إلى أن أسباب ارتفاع  معدل التضخم السنوي في المدن المصرية ليصل إلى 8.8% في فبراير الماضي مسجلا على مستوى له منذ يوليو 2019.

كما بلغ معدل التضخم الأساسي 7.2%، ولكن نسبة تصل إلى 35% من هذا التضخم هو مستورد من الخارج بسبب ارتفاع الأسعار العالمية واضطرابات سلاسل التوريد وارتفع النفط والحرب الروسية الأكرانية، وربما تكون أغلب هذه التبعات مؤقتة تزول بزوال الأسباب أو تخفيف شدتها.  وفي هذا الصدد، أكد البنك المركزي مؤخرا أن أسعار العائد الرئيسية مازالت متسقة مع مستهدفات البنك المركزي .

أما الخيار الثاني: الأقل احتمالا هو رفع الفائدة بنسبة تتراوح بين 0.5% الى 1% تماشيا مع دورة التشديد النقدي  التي قررتها العديد من البنوك المركزية حول العالم

وتجدر الإشارة الى أن أسباب التضخم في مصر تختلف عن الأسباب في الدول الأوربية والاقتصادات المتقدمة ، حيث أن التضخم المحلي يتأثر بشدة بتكاليف الإنتاج  التي كانت ترتفع حتى قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ، وليس بفضل زيادة المعروض النقدي كما هو الحال في أمريكا وبعض الدول الأوربية حيث ضخت البنوك المركزية  تريليونات من الدولار لدعم ومساعدة الشركات والأفراد المتأثرين بالجائحة .

وقد تنظر لجنة السياسة النقدية إلى أن الوقت غير ملائم للتعجل برفع أسعار الفائدة في ضوء عدم اليقين بشأن تطورات الحرب الروسية الأوكرانية وتبعاتها، خصوصا أن الفيدرالي الأميركي أيضا لم يتعجل في قرار بشأن الفائدة على الدولار من أجل تقييم سلبيات وإيجابيات هذا القرار بعناية على جوانب مختلفة من الاقتصاد.

فرفع أسعار الفائدة الأن يضر بتكاليف الدين الداخلي ويرهق الموازنة ويضعف فرص النمو الذي شهد قفزة كبيرة رغم تحديات جائحة كورونا. كذلك يسبب  رفع تكلفة الاقتراض لقطاعات الأعمال والقطاع العائلي  ومن ثم يؤثر على معدلات التشغيل و ويرفع تكلفة الإنتاج متزامنا مع ضعف القوى الشرائية ما يعمق مزيد من التباطء في الأسواق .

وعلى الرغم من قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع معدلات الفائدة بواقع بربع نقطة مئوية لتصبح 0.5%، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2018، فهذه النسبة لا تشكل دافعا قويا لنزوح المحافظ الأجنبية في أدوات الدين المحلي الى الخارج في الوقت الحالي. ولكن سيراقب البنك المركزي قرارات الفيدرالي الأمريكي عن كثب في الاجتماعات القادمة وتأثيرها المحتمل على جاذبية أدوات الدين المحلي أمام المستثمرين الأجانب في حال قيام الفيدرالي برفع الفائدة عدة مرات مستقبلا ، وكذلك تجنب عودة ظاهرو الدولرة.

ارتفع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية خلال فبراير الماضي للشهر الثالث على التوالي ليسجل 10%

ومن المتوقع  أن مستويات التضخم ستستمر في الارتفاع نظرا لأسباب موسمية وهي حلول شهر رمضان، وكذلك التداعيات الناتجة عن الحرب الروسية الأكرانية وارتفاع تكاليف الواردات السلعية

لذلك ربما يتجاوز معدل التضخم ولفترة مؤقتة مستهدفات البنك المركزي المصري التي وضعها حتى نهاية الربع الرابع من عام 2022، قبل أن تنحصر الموجة التضخمية العالمية وعودة الاستقرار النسبي . وقد يصل معدل التضخم مستوي أعلى من 11% حتى نهاية الربع الثالث وربما يستمر الى نهاية العام

رغم التوقعات الرسمية لأداء جيد للاقتصاد المصري خلال العام الجاري، إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية تستعدي إعادة النظر في هذه التوقعات بما لها من تأثير سلبي على الاقتصاد المصري.

فارتفاع أسعار النفط العالمية لأكثر من 140 دولار للبرميل قبل أن تهبط الى ما دون 110 دولار سيؤدى إلى زيادة أسعار المحروقات في مصر، وبالتبعية سيؤثر سلباً على كل قطاعات الأعمال وارتفاع أسعار جميع السلع ، خصوصا أن سعر البرميل تم تقديره في الموازنة العامة بنحو 60 دولار ، الأمر الذي يزيد من عجز الموازنة الى مستهدف جديد للعام المالي الحالي إلى 6.9%

ومن غير المستبعد  أن تواجه الحكومة المصرية تحديات اقتصادية لم تكن في الحسبان بسبب تبعات الحرب الروسية الأوكرانية قد تستدعي طلب المعاونة  من صندوق النقد الدولي.

اقرأ أيضًا.. من يدفع فاتورة الفساد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى