رئيسىملفات وتقارير

خاص/ سراديب الموتى وأصل المثل الشعبي «نكسر وراهم قلة».. حكايات مقابر كتاكومب بالإسكندرية

كتبت: أمل سعداوي

توابيت منتشرة في كل مكان، ونقوش ما بين الفرعوني والروماني، ورسومات على الجدران تكشف تفاصيل الدفن، وما أن تخطو بعض الأمتار بعيدًا عن تلك التوابيت تجد نفسك في العصر الروماني، مكان كبير سلالمه للأسفل تأخد شكلًا حلزونيا يتوسطه بئرًا كبيرًا يصل عمقه لـ 10 أمتار يشعر بالدوران كل من ينظر إليه، ويتخلل جدرانه نوافذ تستخدم للإضاءة و لتوصيل الجثث لمثواها الأخير ما أن تخطو الخطوات للأسفل تجد نفسك في عالم أخرى تحيطه المدافن من جميع الجهات، ما أن تدخل ناحية مقبرة تجد نفسك في مقبرة جديدة.

وعلى بعد خطوات من يمينك تجد صندوق يحوي على عظام الموتى ونفقًا تحت تلك المقابر ليدل على مدى براعة الرومانين في البناء إنها مقابر كتاكومب كوم شقافة الواقعة بحى كرموز بمحافظة الإسكندرية.

تُعد مقابر كوم الشقافة من أشهر وأهم المقابر في الإسكندرية، أطلق عليها هذا الاسم بسبب كثرة بقايا شقف الفخار، ولكن قديمًا أطلق عليها «رع قدت» وهى نوع من أنواع مقابر «كتاكومب» التي انتشرت في القرون الثلاثة الأولى الميلادية في إيطاليا وبعض الجزر اليونانية.

وكانت مقابر الكتاكومب تقتصر على دفن موتى المسيحيين، كما كانوا يستخدموها لحمايتهم من بطش الأباطرة الرومان، ففي تلك الحقبة من الزمن كان المسيحين  يواجهون اضطهادًا لا مثيل له، وكان الأباطرة الرومان يغتنمون الفرصة من أجل تقديم المسيحيين طعامًا للوحوش، وفقًا للدكتور خالد أبوالحمد، مدير عام آثار الإسكندرية.

تم اكتشاف تلك المقبرة عن طريق الصدفة عندما سقطت عربة يجرها حمار في حفرة وعند انتشال العربة تم اكتشاف أجزاء من المقبرة لتبدأ عمليات الحفر بها في العام 1892 وتم الكشف عنها نهائيًا في العام 1900، هى من أمثلة المقابر الفريدة في الفن المعماري الجنائزية حيث تتميز نقوشها بوجود إمتزادج بين الفن المصري والفن اليوناني الروماني.

تتكون المقابر من 3 طوابق تحت الأرض كانت تستخدم قديمًا لدفن أسرة واحدة من الأسر الغنية ولكن مع مرور الوقت استخدمت لدفن العديد من الأسر.

في السطور التالية سنذهب في رحلة سريعة داخل تلك المقابر لنبرز مدى براعة الرومانين في الفن المعماري ونكشف بعض أسرارها.

الطابق الأول

بعد انتهاء السلم الحلزوني الذي أشارنا له سابقًا نجد على جانبيه فجوتان تشبهان المحراب لكل منها سقف تحيطه زخرفة على شكل صدفة والتي كانت من العناصر المهمة عند الإغريق والرومان، وأسفل تلك الفجوتين يوجد مصطبتان صممتا على الشكل النصف دائري للسماح للزوار بالجلوس عليها بعد هبوط السلم.

الصالة المستديرة

الصالة المستديرة هى عبارة عن حجرة دائرية الشكل يحيط به سور قليل الارتفاع به ستة أعمدة تحمل السقف الذي يُشير تاريخه إلى الروماني.

حجرة المآدب

هى مربعة الشكل تحطيها ثلاث «مصاطب»، اثنين متعامدين والثالث يتوسطهم كان يوضع وسائد ليجلس عليها أهالي المتوفي وهم يتناولون الطعام أثناء زيارتهم له في أوقات المواسم والأعياد، ويتركز السقف على أربع أعمدة منحوتة بالصخر تلاحظ وجود فتحات في الأعمدة، ويُقال أنه كان يوجد مائدة تتوسط الغرفة لكنها لم يعثر عليها فتُشير الاحتمالات إلى أنها صنعت من الخشب وبليت بفعل الزمن والرطوبة.

غرفة الدفن


صالة مستطيلة الشكل يمتزج فيها الفن اليوناني الروماني بالفن المصري القديم فيها عمودان يعلوهما قمة يتوسطها قرص الشمس- رمز لرع فى مصر القديمة- وعلى جانبيه صقران رمزًا للمعبود حورس.

وبوجد خلف العمودان تجويفان، أحدهما لليمين وبه تمثال لرجل يقف في الوضع المصري وفي الأيسر يوجد تمثال آخر يمثل سيدة واقفة ترتدى فستان طويل ملتصق بالجسد على الطراز المصري ولكن تسريحة شعرها على الطراز الروماني.

وعلى جانبى مدخل حجرة الدفن يوجد مستطيل به ثعبان يعلوه قرص مستدير وهو «الميدوزا» الإلهة الحامية للمقبرة عند اليونان ويقال قديمًا إن من ينظر في عينها يتحول لحجر.

و الثعبان فهو للمعبود «ديونيسس»، معبود الخمر عند اليونان، وتضم تلك حجرة الدفن ثلاثة توابيت وعلى الجدران مناظر  تجمع بين الفن المصري و الروماني.

والمستوى الثالث فهو عبارة عن سراديب تضع فيها الجثة فى مثواها الأخير .

مقبرة تيجران

وتمكن المجلس الأعلى للآثار خلال العقود الماضية من  نقل عدد من المقابر المكتشفة من موقعها الأصلي عبر تفكيكها وقطعها إلى كوم الشقافة، مثل:«مقبرة سلفاجو ومقبرة تيجران وعدد من المقابر المكتشفة فى الورديان»

«نكسر وراهم قلة»

ترجع قصة المثل الشعبي «نكسر وراهم قلة» إلى تلك المقابر حيث كان اليونانيين يتشاءمون من الأطباق التي يأكلون بها في المقبرة فكانوا يكسرونها بعد الوجبة، وكانت الأطباق فخارية فكان الخدم يلقو بها في الخارج فتكونت كومة من الشقفات لذلك أطلق عليها العرب كوم الشقافة وجاء منها المثل الشعبى «نكسر وراهم قلة»، وفقًا للأثرية ناريمان حامد.




إقرأ أيضًا.. يضم ثاني أكبر مسجد في العالم ومصحف سيدنا عثمان بوزن 80 كيلو.. معلومات عن مركز مصر الثقافي الإسلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى