الأخبارملفات وتقارير

بالتفاصيل.. أسباب ارتفاع الدولار في السوق الموازية المصرية

كتبت- إسراء كامل

وصل سعر الدولار في السوق الموازية في مصر إلى مستويات غير مسبوقة، حتى الـ 60 جنيهاً، مقارنة بسعره الرسمي الذي لم يتحطى الـ 31 جنيهاً، في خطٍ متوازٍ مع أزمة شح العملة الأجنبية التي تواجهها البلاد، وما يصاحبها من أزمات واسعة يعاني منها الاقتصاد المصري. 

كما تسعي الحكومة المصرية إلى تبني استراتيجية خاصة للتغلب على تلك الأزمة،عن طريق الطروحات الحكومية وتوسيع قرض صندوق النقد الدولي، وغيرها من الإجراءات لعلاج أو تسكين الأزمة. 

ومع ارتفاع “دولار السوق الموازية” إلى ذلك النحو، فإن ثمة أكثر من سعر له في قطاعات مختلفة؛ ذلك أن تُجار السيارات على سبيل المثال يُقومون الدولار بسعر أعلى، وكذلك الحال بالنسبة لسوق الذهب والعقارات، في ترجمة عملية لحجم الفجوة. 

متغيرات اقتصادية 

يقول الدكتور مصطفى أبوزيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن المتغيرات الاقتصادية الحالية التي يشهدها العالم تضغط بقوة على الاقتصاد المصري، وقد كان من بين تأثيرات ذلك “نقص السيولة الدولارية لدى البنك المركزي”، وهذا ما سمح بنشاط السوق الموازية، وبات الدولار “سلعة” وليس وسيلة، مشيراً إلى تلك المعطيات قد دفعت إلى اتجاه معظم الأفراد إلى الاستثمار فى الدولار كمخزن للقيمة. 

كذلك عدم توافر الدولار فى الجهاز المصرفي، أدى إلى اتجاه معظم المستوردين لتلبية احتياجاتهم من السوق الموازية، ما أدى إلى اشتغال المضاربة على الدولار (وبالتالي وصوله إلى المستويات الحالية). 

وتابع أبوزيد: كل هذه المقدمات نتج عنها أن يكون تقريباً لكل سلعة ومنتج سعر دولار مقوم به، ما أسهم في ارتفاع معدل التضخم بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، مرجعاً السبب في ذلك أيضاً إلى التداعيات المباشرة من حرب غزة وكذلك الاضطرابات الحادثة في البحر الأحمر، واللذان أثرا بشكل سلبي على إيرادات قطاع السياحة وقناة السويس. 

ويشير مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إلى أنه مع اتساع نشاط السوق الموازية امتد هذا الأثر إلى تحويلات المصريين بالخارج، فقد انخفضت التحويلات إلى حوالي 22 مليار دولار العام المالي الماضى. 

في السنة المالية 2021-2022، سجلت تحويلات المصريين في الخارج ارتفاعاً “طفيفاً” وصولاً إلى 31.9 مليار دولار، مقابل 31.4 مليار دولار في العام المالي 2020-2021، طبقاً لبيانات البنك المركزي المصري. 

وفي العام 2022 شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج، تراجعاً بنحو 10 بالمئة لتسجل نحو 28.3 مليار دولار. وفي السنة المالية 2022-2023 سجلت التحويلات ما قيمته 23.3 مليار دولار. 

وبناء على ماسبق “لم يصبح الدولار متوفراً بالقدر اللازم لتلبية الاحتياجات من قبل الجهاز المصرفي، لتكون النتيجة الطبيعية وجود تسعير مختلف على حسب كل سلعة أو قطاع منتج لتلك السلعة يحدده وفقا لمدى قدرته على تلبية الدولار من السوق الموازية”، وفق  أبوزيد. 

ويستطرد: “نجد فى صناعة الذهب يتم تقويم الدولار فى حدود 55 جنيهاً للدولار والعقارات 53 جنيهاً للدولار والأغذية في متوسط 45 جنيهاً للدولار، وتلك الأرقام تتسم بعدم الثبات صعوداً أو هبوطاً”. 

العرض والطلب 

كما أوضحت حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، عضو مجلس إدارة شركة الحرية للتداول، في تصريحات صحفية، أن أسباب وجود أكثر من سعر في الدولار؛ مشيرة إلى أن الأخير ليس ثابتًا أمام الجنيه بل يتحرك وفقًا لقوى العرض والطلب، ويأتي ذلك في ظل إلتزامات مصر نحو صندوق النقد الدولي ، والتي بدورها تحتاج إلى حصيلة دولارية ضخمة وفي المقابل هناك انخفاض في المدخول الدولار للدولة المصرية. 

كما أضافت “رمسيس” أن انخفاض إيرادات مصر السنوية من الدولار يرجع إلى انخفاض إيرادات قناة السويس (سجلت منذ بداية العام تراجعاً بأكثر من 40% على وقع الاضطرابات في البحر الأحمر)، وانخفاض تحويلات المصريين في الخارج بنحو 30% (خلال العام المالي 2022-2023)، بالإضافة إلى انخفاض عوائد السياحة بسبب الأزمة الجيوسياسية في المنطقة. 

 وتابعت: “نتيجة لكل العوامل السابقة هناك فجوة تمويلية في مصر (تقدر بـ 30 مليار دولار)”، وأن هذه الفجوة تأتي بالتزامن مع التزامات بسداد بعض الديون المقدرة بأكثر من 28 مليار دولار خلال شهري فبراير ومارس المقبلين، وفي ظل هذا الاحتياج المتزايد للدولار ترتفع معدلات المضاربة بالسوق الموازية وتكون النتيجة سعر الدولار حاليًا. 

هناك أكثر من دولار

وأشارت إلى أن هناك أكثر من “دولار”، فـ “دولا الذهب” يتحكم فيه تجار هذا المعدن النفيس، متعللين في رفع قيمته بسبب الشح في المعروض ولجوئه إلى الاستيراد من الخارج مع ما يتبع ذلك من ضرائب وجمارك ورسوم إدارية  وقد يصل سعر الدولار بهذه السوق إلى 60 جنيهاً للدولار. علاوة على “دولار السيارات”، وهذا مختلف، ويُقوَّم طبقًا لرؤية تاجر السيارات الذي يضع في اعتباره تكلفة الاستيراد من الخارج، حيث يحمل هذه التكلفة للمستهلك ويقدر الدولار في سوق السيارات بـ 64 جنيهاً للدولار. 

كذلك “دولار العقارات”، وهنا يقومه المطور العقاري بطريقتين، إما البيع بالدولار أو بالجنيه المصري لكن بسعر مرتفع بسبب ارتفاع مدخلات العملة العقارية من حديد وأسمنت وغيرها من المواد 

أكدث رمسيس أن السبيل الوحيد للخروج من هذه الفجوة التمويلية، يتمثل في عدد من العوامل، أهمها الإنتاج والتصدير، والدخول في تكتلات اقتصادية مع دول لا تتعامل بالدولار سواء كانت عملات آسيوية أو غيرها، بالإضافة إلى مبادلة الديون بأصول مصرية. 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى