أسواق المالرئيسىملفات وتقارير

كيف ادخل الصراع الروسي الأوكراني أوروبا في أزمة فقر طاقة وما السيناريوهات البديلة؟

تعيش دول القارة العجوز أيام عصيبة بسبب نقص الطاقة أو ما يطلق عليه المحللون «فقر الطاقة» بتداعيات تصعيد العقوبات ضد موسكو جراء الحرب الروسية الأوكرانية الذي اندلعت منذ نهاية فبراير الماضي.

أزمة فقر طاقة في أوروبا

وتشير تقارير اقتصادية، إلى أن أوروبا بدأت في وضع سيناريوهات بديلة للنفط الروسي الذي يسد الغاز 40% من احتياجاتها.

وأمام العشرات من أعضاء البرلمان الأوروبي مطلع مارس الماضي، وقف رئيس سياسة المناخ في الاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانس، وعلق على خطة التخلي عن الغاز الروسي قائلا “الأمر ليس سهلا، لكنه ممكن”.

على الجهة المقابلة، قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إن روسيا قد تقطع إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب نورد ستريم 1 إلى ألمانيا، لكنها لم تتخذ حتى الآن مثل هذا القرار.

وأضاف نوفاك -في بيان أذاعه التلفزيون الروسي-: “فيما يتصل بالاتهامات التي لا أساس لها ضد روسيا بخصوص أزمة الطاقة في أوروبا وفرض حظر على نورد ستريم 2، فإننا لنا كل الحق في اتخاذ قرار مماثل وفرض حظر على ضخ الغاز من خلال خط أنابيب نورد ستريم 1.” وقال “لكن حتى الآن لم نتخذ مثل هذا القرار”.

وما زاد الأمر صعوبة هو قرارات الكرملين بشأن سداد عقود النفط بالروبل الروسي أو الذهب، ليخرج بتصريح وصفه البعض بـ”الجريء” السبت الماضي قائلًا “عندما يستفيق الأوروبيون من (التخدير الأمريكي) سيعودون للحوار مع روسيا”.

لفتت دراسة نُشرت أمس الثلاثاء إلى أن اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي ستكون قادرة على تحمل تداعيات وضع حدّ لاستيراد موارد الطاقة الروسية (غاز ونفط وفحم)، مشيرة إلى فاعلية فرض رسوم جمركية مرتفعة على موارد الطاقة.

السيناريوهات الأوروبية لإيجاد بديل للطاقة الروسية

ورأى الاقتصاديون الأربعة الذي أعدوا الدراسة، برعاية مجلس التحليل الاقتصادي الذي يقدم المشورة للحكومة الفرنسية، أن حظر واردات الطاقة سيكون له “تأثير منخفض نسبيًا” على الاقتصادات الأوروبية، مع تراجع وسطي في الناتج المحلي الإجمالي يراوح بين 0,2% و0,3%، أي “بخسارة 100 يورو لكلّ أوروبي بالغ”.

غير أن بعض الدول ستعاني أكثر من غيرها في هذه الحالة، مثل ليتوانيا وبلغاريا وسلوفاكيا وفنلندا وجمهورية تشيكيا، وقد تحتاج إلى “تضامن أوروبي”.

وستخسر فرنسا بنسبة أقل كونها تستورد أقلّ من غيرها موارد طاقة روسية، ويقدر التراجع في الناتج المحلي الإجمالي بين 0,15% و0,3% بحسب قدرتها على إيجاد بدائل للمنتجات التي تشتريها حاليًا من روسيا.

بالنسبة لألمانيا التي تمتنع حتى الآن عن فرض حظر، قد يتراجع ناتجها الإجمالي المحلي بين 0,3% و3% وهو أمر مستوى “معتدل عموما ويمكن استيعابه” بحسب معدي الدراسة.

لكن فرض رسوم جمركية على موارد الطاقة بنسبة 40% مثلًا “سيكون أكثر فاعلية من فرض حظر صارم”، بحسب الدراسة.

سيؤدي فرض رسوم كهذه إلى “تراجع قوي جدًا بالواردات” بنحو 80% وإلى تخفيض “حاد” للخسائر الاقتصادية للدول الأكثر اعتمادًا على روسيا.

كميات النفط والغاز والفحم الروسي المستهلكة في الدول المختلفة

وللتوصل إلى هذه الاستنتاجات، احتسب معدو الدراسة كميات النفط والغاز والفحم الروسي المستهلكة في الدول المختلفة، ومن ثمّ الكميات التي قد تستبدلها هذه الدول بمصادر أخرى للطاقة أو بمزوّدين آخرين، بالاستناد إلى تقييمات الوكالة الدولية للطاقة.

وأخيرًا قيّم الفريق تأثير الكمية المتبقية من الطاقة الآتية من روسيا، والتي لا تستطيع الدول أن تجد بديلًا لها على المدى القصير، على نشاطها الاقتصادي.

اتفقت الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي، في 25 مارس الماضي، على زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا لخفض اعتمادها على الغاز الروسي.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن الولايات المتحدة ستوفر 15 مليار متر مكعب إضافية من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا هذا العام، وأضاف بايدن أن هذه الخطوة تهدف أيضًا إلى “تسريع” الانتقال إلى الطاقة النظيفة.

ستسعى خطة المفوضية، التي اطلعت رويترز على مسودتها، إلى خفض هذا الاعتماد عن طريق زيادة واردات الغاز والغاز الطبيعي المسال من دول أخرى والتشغيل التدريجي للغازات البديلة مثل الهيدروجين والميثان الحيوي.

ومن بين أهداف الخطة بناء مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية بشكل أسرع، وضمان قيام البلدان بملء مخزون الغاز قبل الشتاء لتخفيف صدمات الإمداد.

تنويع مصادر الطاقة

من جانبها، قالت وكالة الطاقة الدولية إن أوروبا يمكن أن تخفض وارداتها من الغاز الروسي بأكثر من النصف في غضون عام، لكن القيام بذلك سيتطلب مجموعة من الإجراءات السريعة، من تبديل غلايات الغاز بمضخات حرارية، إلى زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال.

كما حثت بروكسل دول الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي على تسريع المفاوضات بشأن مجموعة من سياسات الاتحاد الجديدة بشأن تغير المناخ، والهادفة لخفض الانبعاثات بشكل أسرع هذا العقد. وتقدر المفوضية أن هذه المقترحات قد تخفض استخدام الاتحاد الأوروبي للغاز 23 في المئة بحلول عام 2030.

وقد يتفق زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة هذا الأسبوع على التخلص التدريجي من اعتماد الكتلة على واردات الوقود الأحفوري الروسي دون موعد محدد، وفقا لمسودة بيان اطلعت عليها رويترز.

لكن الدول منقسمة بشأن ما إذا كانت ستفرض عقوبات فورية على إمدادات الطاقة الروسية. ورفضت ألمانيا، أكبر مشتر للنفط الخام الروسي، الفكرة. وقال محللون إن أوروبا ستحتاج إلى استخدام إجراءات طارئة مثل إغلاق الصناعات الكثيفة الاستخدام للغاز من أجل التعامل مع وقف واردات الغاز الروسي بالكامل.

صعود أسعار الطاقة

وتسبب صعود أسعار النفط بفعل احتمالية فرض مزيد من العقوبات على روسيا المصدرة للخام في رفع أسهم شركات الطاقة، مما ساهم في تعويض أثر خسائر أسهم البنوك والشركات الصناعية.

وارتفع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.1% بعد يومين من المكاسب.

قال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمون بون إن الاتحاد الأوروبي سيتبنى على الأرجح حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا، فيما تخطط الولايات المتحدة هي الأخرى لفرض عقوبات جديدة هذا الأسبوع على موسكو بعد تقارير عن جرائم قتل مدنيين في أوكرانيا. وارتفع قطاع النفط والغاز في أوروبا 0.7%.

قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أمس الإثنين إن الولايات المتحدة وحلفاءها سيعلنون “خلال الأسبوع الحالي” عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا في حين ستتلقى أوكرانيا مساعدة عسكرية إضافية.

ورأى سوليفان أيضا أن روسيا غيرت استراتيجيتها العسكرية و”ستركز هجومها” من الآن وصاعدا على شرق أوكرانيا خصوصا.

وأشار مستشار الرئيس الأمريكي إلى أن المباحثات بين الدول الغربية تشمل راهنا تدابير محتملة “على ارتباط بالطاقة” وهي مسألة حساسة للأوروبيين الذين يعتمدون كثيرا على الغاز الروسي.

وشدد على أن البحث جار للتوصل إلى “توافق” مع الاتحاد الأوروبي الذي يناقش من جهته “بصفة عاجلة” فرض عقوبات جديدة على موسكو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى