الأسواق العربيةرئيسىملفات وتقارير

خبير استراتيجي: مشروع الشام الجديد بين مصر والأردن والعراق يمثل النفط مقابل الإعمار

قال الدكتور أحمد الشعراوي، خبير جودة التخطيط الإستراتيجي والتميز المؤسسي، والأمين العام المساعد للاتحاد العربي للتطوير والتنمية، التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية – جامعة الدول العربية ، إن مشروع الشام الجديد بين مصر والأردن والعراق يمثل النفط مقابل الإعمار.

أضاف الشعراوي أن مشروع الشام الجديد، هو مشروع طرحه رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، على الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال القمة الثلاثية في عمّان 25 أغسطس 2020، بهدف إيجاد وتعزيز المصالح المشتركة بين مصر والأردن والعراق، ولغرض أن يكون نواة لاتحاد عربي أكثر توسعاً مستقبلاً.

يعتمد هذا المشروع على أعمدة ثلاثة، هي الكتلة النفطية في العراق، والكتلة البشرية في مصر، والأردن كحلقة وصل بينهما. ووفق المشروع، سيتم مد خط أنبوب نفطي من ميناء البصرة جنوب العراق، وصولا إلى ميناء العقبة في الأردن ومن ثم مصر.

اتفاقية مع «جنرال إلكتريك» بـ727 مليون دولار

مشروع الشام الجديد ليس وليد اللحظة، حيث كان العراق قد اتفق مع الأردن على مد أنبوب نفط من حقل الرميلة جنوب العراق إلى ميناء العقبة، وكان من المفترض أن يُطرح عطاء دولي لتنفيذه، لكن تسببت جائحة كورونا في تعطيل المشروع. إلا أن هذا الوضع لم يمنع الوفد العراقي الذي زار واشنطن مؤخرا من توقيع اتفاقية مع شركة «جنرال إلكتريك» بقيمة 727 مليون دولار لإنجاز الربط الكهربائي بين عمّان وبغداد.

وتشير التفاصيل الأولية للمشروع إلى إنشاء خط للكهرباء يمتد 300 كيلو متر من مدينة الريشة في الأردن وحتى مدينة القائم في العراق. وتشمل المرحلة الأولى استيراد 150 ميجاوات كهرباء من الأردن على أن تخضع لزيادة مستمرة حتى تنتهي بـ960 ميجاوات حين تنضم مصر للمشروع.

وتأتي القمتان في إطار رغبة مصر والأردن لتطوير تكتل أمني ودبلوماسي واقتصادي بين الدول الثلاث، حيث أنهم معا، لديهم ثلث سكان العالم العربي وثروة من الموارد الثقافية والزراعية والطبيعية.

وقالت مصادر إن البلدين يأملان في استخدام التكتل وتحالفاتهما لإعادة تأكيد الدبلوماسية العربية والصوت العربي في منطقة تتزايد فيها الأزمات الحالية من قبل جهات فاعلة خارجية؛ وكجزء من رغبتهم في إضفاء الطابع المؤسسي على كتلتهم. لذلك تم إنشاء أمانة تنفيذية ولها مقر دوري سنوي، لتكون البداية من وزارة الخارجية الأردنية التي تحتضن المقر حالياً.

الأهداف الاقتصادية لمشروع الشام الجديد

وتتضح الأهداف الاقتصادية لهذا المشروع في التالي:

  • تفعيل خط نفط من البصرة، إلى الأراضي المصرية ممتدا عبر الأراضي الأردنية، وتحصل البلدان «مصر والأردن» على تخفيضات تصل إلى 16 دولار على البرميل، بينما تستورد العراق الكهرباء من مصر والأردن، بالإضافة إلى استقطاب بغداد للاستثمارات من البلدين. فضلًا عن تعزيز التكامل في هذا الشأن بالتركيز على مجال الطاقة، وتطوير المناطق الصناعية المشتركة من خلال التعاون في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم الابتكار وريادة الأعمال، إضافة إلى توسيع الشراكات الاستراتيجية المتعددة وتشكيل لجنة فنية مشتركة.
  • كما إن نقل النفط العراقي إلى مصر يصب في مصلحة الدولتين. حيث أن خط الغاز العربي يربط مصر بالعراق بالفعل، وهو موجود منذ سنوات؛ كما أنه يمكن أن تقوم العراق بتكرير نفطها في معامل التكرير المصرية بما يحقق قيمة مضافة إلي مصر، ويؤمن جزء من صادرات النفط العراقي بعيدًا عن المضايقات الإيرانية بمضيق هرمز. حيث أن مرور النفط العراقي والخليجي مستقبلا عن طريق مصر سيعزز من اقتصاد تلك الدول ويساعد على تحقيق شراكات استراتيجية وإضعاف للنفوذ الإيراني.
  • وفي الوقت الذي يضمن فيه المشروع لمصر الحصول على أسعار زهيدة من نفط العراق. فهو أيضًا يضمن فتح سوق جديدة في حال خسرت سوقها التصديري الكبير في الخرطوم بسبب الأسعار التنافسية التي وعدت إثيوبيا بها، إلى جانب أنّ مصر حاليًا بصدد إنشاء مشروع ربط كهربائي جديد مع السعودية بتكلفة مليار و600 مليون دولار، بهدف تبادل 6000 ميجا وات بين البلدين.

ولاننكر الأزمة التي اصابت المنطقة العربية والعالم جراء تداعيات أزمة كورونا، مما يجعل هذا التجمع الاقتصادي مهمًا للدول الثلاث لتعزيز اقتصاداتها. ويتضح ذلك في تأكيد الزعماء الثلاثة للمبادرة على أن جائحة كورونا وتداعياتها لا ينبغي أن تعيق استمرار التنسيق.

الفائدة على مصر من مشروع الشام الجديد

من ناحية الفائدة التي ستحصل عليها مصر ستكون سياسية واقتصادية، أما الفائدة السياسية ستكون عن طريق إغلاق المنطقة التي تقوم منها بعض الدول بإرسال الإرهاب إلى سيناء. حيث تحارب الدولة المصرية الإرهاب هناك منذ فترة ليست بالقصيرة، ولا بد من الاتفاق مع هذه الدول للتنسيق حول منع الإرهاب إلى الدخول إلى مصر.

وأما الفائدة الاقتصادية فالميزان التجاري هو العلاقة الصحيحة بين الدول، والعلاقة بين مصر والأردن والعراق قوية جدا جدا، ولو صدرت مصر إلى العراق والأردن الكهرباء وسلع متنوعة. فسيعود ذلك على الاقتصاد المصري بفائدة كبيرة، كما يعود على مصر بالعملة الصعبة، والتي يقاس عليها السياسة النقدية والقوة الشرائية الموجودة داخل الدولة.

وفي نهاية الامر نري ان أهداف هذا المشروع واستشراف مستقبله في ضوء كل من المكاسب المتوقعة لكل دولة من جهة، ومدي إمكانية تحقيق وتطبيق المشروع على أرض الواقع من جهة أخري. حيث أن المكاسب الاقتصادية المتوقعة يمكن أن تشمل بشكل أساسي أن يكون هنالك صناعات مشتركة ومدن صناعية وتجارة وتبادل سلعي بيني بين دول الاتفاق. إلى جانب فرص لتأسيس كتلة اقتصادية وثقافية وسياسية ويمكن أن تكون بداية لدخول دول عربية أخري في التكتل على رأسها المملكة العربية السعودية.

مشروع يحقق استقراراً في المنطقة العربية

أما بالنسبة لمدي إمكانية تطبيق المشروع على أرض الواقع في مرحلة تالية، فهو مرهون بالتوافق والإرادة السياسية في المقام الأول. حيث أن لكل دولة أهدافها ومصالحها القومية التي تعطي لها أولوية قصوي، إلي جانب الملفات المشتركة التي يتفق عليها الدول الثلاث كالموقف من القضية الفلسطينية وضرورة تحقيق استقرار في المنطقة العربية.

هذا فضلًا عن أنه انطلاقًا من أن الاقتصاد أساس العمل السياسي، والتحالف في العمل السياسي يهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي والأمني وغير ذلك. خاصة أن هذه الدول تتماثل بيئتها وتركيبتها السكانية ومصالحها وتاريخها ولغتها المشتركة، وبناء على ما سبق فإن هنالك احتمالية كبيرة لتطبيق مشروع الشام الجديد على أرض الواقع

أما لماذا سمي مشروع التعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث بمشروع الشام الجديد، فذلك يعود للعام 2014، وذلك استناداً لدراسة أعدها البنك الدولي تشمل دول بلاد الشام، سورية ولبنان والأردن وفلسطين. إضافة لتركيا والعراق ومصر، تعتمد التعاون الاقتصادي، ومضمونه تصدير النفط العراقي لكل من الأردن مصر، مقابل مشاركة الشركات المصرية والأردنية في عملية إعادة إعمار العراق، بعد حروبها المتواصلة، فيما يعرف بصيغة النفط مقابل الإعمار.

الدكتور أحمد الشعراوي

الدكتور أحمد الشعراوي

خبير جودة التخطيط الاستراتيجي والتميز المؤسسي

الأمين العام المساعد للاتحاد العربي للتطوير والتنمية – مجلس الوحدة الاقتصادية – جامعة الدول العربية

إقرأ المزيد عن الدكتور أحمد الشعراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى