رئيسىملفات وتقارير

هل تضع الصين وأمريكا اقتصاد العالم تحت مقصلة الحرب؟

خبير: قيام حرب بين الصين وأمريكا أمرًا مستبعدًا

كتبت: أمل سعداوي

«الحرب على الأبواب».. «الصين ستغزو تايوان».. «الاقتصاد العالمي سينهار».. «الحرب ستقوم بين أمريكا والصين».. كل تلك العبارات تتصدر مانشتات الصحف العالمية، ليزداد منسوب التوتر والتشاؤم من قيام حرب بين أول وثالث أقوى جيوش العالم، حيث تُشير تقارير غربية إلي أنه في حالة قيامها ستكون «الأسوأ في تاريخ الحروب».

هل الغزو يقترب؟

فالأمور ازدادت سوءً بين أمريكا والصين بسبب زيارة أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى تايوان، التي لم يتم الإعلان عنها مسبقًا مثل زيارة رئيس مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، والتي بسببها قامت الصين بإجراء مناورات عسكرية هي الأكبر بالقرب من تايوان، ما أثار الشكوك حول رغبة الصين في غزو الجزيرة.

وما زاد من تلك الشكوك، هو قيام الصين بفرض عقوبات على 7 مسؤولين تايوانيين لدعمهم فكرة استقلال بلادهم، من بينهم مدير مكتب شؤون تايوان في الصين هسياو بي-كيم، وسفيرة تايوان لدى واشنطن، وولنجتون كو الأمين العام لمجلس الأمن القومي، هذا بجانب زيادة التدريبات الصينية بالقرب من الجزيرة.

أكد متحدث باسم مكتب شؤون تايوان، أن المسؤولين الذي عوقبوا لن يتمكنوا من زيارة الصين، مع عدم السماح للشركات والمستثمرين المرتبطين بهم بالعمل في الصين.

أثرت على الاستقلال

من جانبها قالت الرئيسة التايوانية تساي ، التي التقت بالنواب الأميركيين في مكتبها،:« إن التدريبات الصينية أثرت تأثيرًا كبيرًا على السلام والاستقرار في المنطقة».

وأكدت:«نتعاون تعاونًا وثيقًا مع الحلفاء الدوليين لمراقبة الوضع العسكري عن كثب ونبذل في الوقت نفسه قصارى جهدنا لإعلام العالم بأن تايوان مصممة على حماية الاستقرار والوضع الراهن في مضيق تايوان».

أمر مستبعد

وفي هذا الصدد، قال عماد الأزرق، رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث، إن وقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين الصين والولايات المتحدة على المدى القصير أو المتوسط، أمر مستبعد تمامًا، لعدة أسباب منها التداخل الكبير بين الاقتصادين الأمريكي والصيني، و الاستثمارات المتبادلة الضخمة بين البلدين والتي تجاوزت نحو 20 مليار دولار.

فضلا عن التبادل التجاري والذي بلغ خلال الفترة ما بين يناير وأبريل من العام الجاري نحو245,73 مليار دولار، و نحو 755.64 مليار دولار خلال 2021، كما أن الصين تملك أكبر احتياطي نقدي بالدولار في العالم بلغ 3.1197 تريليون دولار حتى نهاية أبريل، وهي أيضا أكبر دائن للولايات المتحدة الأمريكية والتي تتجاوز تريليون دولار.

أضاف «الأزرق»، في تصريحات لـ «عالم البيزنس»، أن الصين من الدول النووية وتمتلك مئات الرؤوس النووية، ولديها قدرات صاروخية هائلة تمكنها من الوصول إلى الأراضي الأمريكية، فضلاً عن القدرات التقليدية حيث يعتبر الجيش الصيني أكبر جيش بالعالم من حيث العدد، و لديه قدرات تسليحية هائلة.

المتضرر الأكبر

فضلًا عن قرب الصين جغرافيًا بشدة من الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والفلبين وغيرها، وهو ما يهدد مصالح الدول بشدة سياسيًا واقتصاديًا وتجاريًا وعسكريًا، ما يجعل تلك الدول تعارض بشدة أي عمل عسكري تجاه الصين، باعتبارها المتضرر الأكبر من ذلك.

وكذلك فإن البعد الديمغرافي والعدد الضخم لسكان الصين والبالغ 1.4 مليار نسمة يجعل من الخطر وقوع مواجهة عسكرية معها خاصة إذا ما كانت تلك القوة الديمغرافية مدعوة بقوة اقتصادية هائلة وقوة عسكرية ضخمة.

استراتيجية طويلة المدى

أكد «الأزرق»، أن الصين من جانبها لا يمكن أن تقدم على الدخول في مواجهة عسكرية من أي نوع إلا إذا أجبرت على ذلك وتعرض أمنها القومي لتهديد مباشر، حيث أن الصين تمتلك استراتيجية طويلة المدى تسعى لتحقيقها بحلول عام 2049 بمناسبة ذكرى مئوية تأسيس جمهورية الصين الشعبية، بأن تصبح القوة الأولى في العالم، وهي حريصة على تحقيق هذا الهدف.

إقرأ أيضًا.. وزير الخارجية الصيني: زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي لتايوان «كوميديا مبتذلة»

الشلل التام

أوضح «الأزرق»، أنه في حالة قامت حربًا وهو أمرًا مستبعدًا كما وضحت، فإن العالم كله سيخصر، لأن تايوان توفر نحو 90% من الطلب العالمي من الرقائق الالكترونية وأشباه الموصلات وهي بالغة الحيوية للصناعات الالكترونية والتكنولوجية بداية من الطائرات بمختلف أنواعها والصواريخ والسيارات والأجهزة الالكترونية ومرورا بالموبايلات حتى لعب الأطفال وغيرها من الصناعات وبالتالي فإن سيصيب الصناعة ومن خلفها الاقتصاد العالمي بالشلل التام.

كما أنه سيُصيب سلاسل التوريد والامداد في مقتل، ويجعلها تعاني أكثر مما تعاني بفعل كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية.

مسرح الحرب



تابع «الأزرق»، حديثه: مضيق تايوان الذي يفصل بين الصين وتايوان، والذي لاشك سيكون مسرح لأي عمليات عسكرية بين الجانبين يمر به سنويًا نحو 5.6 تريليون دولار من التجارة العالمية فضلاً عن 40% من التجارة اليابانية، و 60 % من سفن الشحن وناقلات النفط في العالم.

المستفيد من تلك الحرب



وعن المستفيد الأكبر من تلك الحرب حال نشوبها، أوضح «الأزرق»، أن الصين هي المستفيد الأكبر، لأنه سيمثل إعلان رسمي عن وفاة النظام العالم الحالي ونشوء نظام عالمي الجديد تلعب فيه الصين دورًا بارزًا وقائدًا عالميًا سواء كان نظام ثنائي أو متعدد القطبية.

كما أن تلك الحرب حتى وإن لم تقضي تمامًا على الدور الدولي للولايات المتحدة فإنه سيدشن لمولد الصين كقوة عظمى، إذا تمكنت الأخيرة من تجاوز تلك الحرب، وهو أمرًا متوقعًا.

مرمى النيران

وعن قدرة اقتصاد تايوان على تحمل الأضرار في حالة قامت الحرب، اعتقد «الأزرق»، أنه رغم ضخمة الاقتصاد التايواني مقارنة بعدد سكان تلك الجزيرة أو مقارنة بمساحتها، إلا أنه لن يصمد طويلًا، نظرًا لاعتماده الكبير على الخارج سواء في الحصول على المواد الأولية لإنتاجه أو لتصريف هذا الإنتاج نظرًا لمحدودية السوق المحلي.

أشار «الأزرق»، إلى أن محدودية مساحة تايوان تجعل جميع الأراضي التايوانية في مرمى النيران، ومستهدفة بقوة، ما يفرض عليها وقف الإنتاج، كما أنها قد تلجأ لوقف الإنتاج خاصة من الرقائق الالكترونية وأشباه الموصلات، نظرا لأهميتهما الهائلة، وذلك للضغط على المجتمع الدولي بشدة للعمل على وقف الحرب.

إقرأ أيضًا.. هل تستغل الصين انشغال دول الغرب بالأزمة الأوكرانية وتحتل تايوان؟.. خبير يُجيب 

هل سينهار الاقتصاد الأمريكي؟

أكد «الأزرق»، أن الاقتصاد الأمريكي يعاني بشدة بالفعل حاليا نظرًا للارتفاع الكبير في معدلات التضخم ونسب البطالة وتراجع معدل النمو الاقتصادي. مُشيرًا إلى أن ما تقوم به أمريكا حيال تايوان والصين يأتي لصرف انتباه المواطنين الأمريكان عن الأزمات الداخلية وتوليتها صوب الأزمة القائمة في مضيق تايوان.

وأيضًا لممارسة ضغوط على الحكومة الصينية في محاولة لابتزازها لتقديم تسهيلات وامتيازات اقتصادية للولايات المتحدة يمكن أن تساعدها على تجاوز أزمتها، من ضخ المزيد من الاستثمارات وغيرها.

معرض للانهيار!

كما أن الصين أكبر مصدر ومستورد إلى ومن الولايات المتحدة، ولديها استثمارات ضخمة هناك سواء استثمارات مباشرة في مشروعات صينية بالولايات المتحدة أو تعاملات عن طريق البورصة. موضحًا أن بسبب تلك الأحداث التي على الساحة السياسية والاقتصادية فإن 5 شركات صينية قامت بالانسحاب من البورصة الأمريكية.

السيناريوهات أمام تايوان

أوضح «الأزرق»، أن الخيارات المتاحة أمام تايوان، أن تتوقف تمامًا عن طرح مسألة الاستقلال عن الصين، خاصة وأن الصين لا تطالبها أن تنضم حالًا إليه وفق مبدأ «صين واحدة» وباعتبار تايوان جزء لا يتجزء من الأراضي الصينية.

وأيضًا ألا تنصاع إلى الوشاية الأمريكية التي سبق ودمرت الكثير من الدول وعليها أن تتعلم الدرس جيدًا، وتدرك أن الولايات المتحدة دوما تنأى بنفسها عن الدخول في حروب مباشرة حفاظًا على إمكانيات وقدراتها البشرية والاقتصادية والعسكرية، ولذا فهي تلجأ دومًا إلى ما يعرف بـ «الحرب بالوكالة».

ورأى «الأزرق»، أن تايوان ليست مستعدة لتدمير اقتصادها بالكامل وتهديد سكانها بشكل بالغ وتعريض وجودها للخطر لمجرد الانسياق وراء الولايات المتحدة.

إقرأ أيضًا.. محمد مهدي يكتب: هل تبتلع الصين تايوان قريباً؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
البنك الأهلى المصرى